آخر تحديث: 28 / 4 / 2024م - 8:57 ص

عن قرش الغردقة ونظرية المؤامرة

علي جعفر الشريمي * صحيفة الوطن

ثمّة سؤال يدور في ذهني دائمًا: لماذا نحن - معاشر العرب - كلما حصلت حادثة طارئة، أسقطنا عليها «فكرة التآمر» وأن هناك خطة تُحاك في الظلام الدامس ضدنا؟

تعالوا معي لهذا الخبر، انتشر قبل أيام مقطع مصور مرعب، تم تداوله على نطاق واسع في وسائل التواصل الاجتماعي، لسائح روسي تعرض للقتل من سمكة قرش في مياه البحر الأحمر «المصرية» وأنهت حياته في دقيقتين.

كنت أعتقد أن الموضوع بحد ذاته يعد أمرًا مثيرًا، لكنه اتضح لي فيما بعد أن ردود الفعل تجاه الحادثة أكثر إثارة، خاصة بعد إلباسها لباس المؤامرة، فصار السؤال الجوهري عند أصحاب هذه العقلية: ما جنسية سمك القرش؟ وما ديانته؟ وما هي قبيلته؟ وما هو لونه؟ والأهم من هذا وذاك، من هم خواله؟ وتستمر أسئلة المدرعمين، ما الجهة الداعمة للقرش والتي دفعته للوصول لمياه البحر الأحمر؟ ولماذا تلك المنطقة بالتحديد؟ هل تريد تلك الجهة ضرب السياحة المصرية؟ لا أدري لماذا تذكرت هنا المسلسل المصري القديم «البرادعي» والذي يتحدث في محتواه عن قصة المؤامرة. أسئلة مؤامراتية مطعمة بنكهات التمييز والعنصرية. أعجبني هنا أحد المؤثرين المعروفين الأستاذ: إياد الحمود في موقع تويتر وهو يتحدث عن سلسلة من حوادث أسماك القرش على السواحل المصرية وحدوثها بشكل شبه سنوي، وقد وضع الروابط «اللنكات» على الموقع من 2009 وحتى 2022، ففي 2009 نشرت الصحف عن سمكة قرش قتلت سائحة فرنسية في مصر أثناء الغوص، وفي 2010 نشرت صحيفة عن مقتل سائحة ألمانية بين فكي سمكة قرش بشرم الشيخ، وفي 2014 نشرت صحيفة عن «قرش النمر» تلتهم صيادًا في مرسى علم المصرية، وفي 2015 كان العنوان مصر تبحث عن القرش «ماكو» الذي التهم سائحًا ألمانيًا، وفي 2016 تفاصيل واقعة التهام سمكة قرش لقدم شاب مصري، وفي 2017 تعرضت فتاة عمرها 25 عامًا لهجوم من سمكة قرش أثناء مزاولتها السباحة والغطس بالمياه العميقة في قرية سياحية بمرسى علم في مصر، وفي 2018 قُتل سائح تشيكي في هجوم سمكة قرش أثناء السباحة في البحر الأحمر قبالة سواحل مصر، وفي 2019 تعرض سائح نمساوي «لعضة دموية» من سمكة قرش قبالة السواحل المصرية وفي 2020 أصيب 3 أشخاص بينهم سائحان في هجوم لسمكة قرش بشواطئ جنوب سيناء في مصر وفي 2021 سمكة قرش تهاجم غواصًا وتقضم ذراعه في مصر.

وفي2022، تعرضت سيدة نمساوية ستينية للهجوم من سمكة القرش في مصر في مشهد رعب وهلع ودماء. سأختم مقالي بطرفة لأصحاب عقلية المؤامرة، يقال إن سمكة قرش كانت تبحث عن عشاء لها ولصغيرتها، شاهدتا يختًا به مجموعة يبدو عليهم الثراء، فقررت سمكة القرش الصغيرة التهام أحد السابحين حول اليخت، ولكن الأم منعتها قائلة إن الطريقة المثالية لالتهام هؤلاء تكمن في الدوران حول أحدهم مرة واثنتين وثلاث، وأربع والتأكد من أنه يعرف ما يدور حوله، ويعرف من تكوني، ومن ثم القيام بعدها بالتهامه! فقالت لها صغيرتها: ولماذا الدوران حوله، وليس التهامه مباشرة، فردت الأم الخبيرة قائلة: ألم تلاحظي، أن هؤلاء مجموعة من أصحاب العقلية المؤامراتية والتهامهم من دون أن تريهم زعنفتك سيتسبب في إصابتك بالتسمّم، والدوران حوله مرة واثنتين مهم جدا لصحتك، فالفزع منك سيدفعه إلى تفريغ كل ما بداخله من قذارة وأوساخ، وبالتالي تتناولينه نظيفًا!