آخر تحديث: 27 / 4 / 2024م - 4:17 م

هل سيصل السعوديون لقائمة المعمرين؟

علي جعفر الشريمي * صحيفة الوطن

على طاولة حوار الزمن اجتمع اليابانيون والعرب من الشباب وكبار السن تم حينها طرح السؤال التالي: ما هو الأفضل زمن الشباب أم زمن الكهولة؟ بدأ الشاب العربي بالحديث، أعمارنا أفضل من الكهولة بكثير، فما نستطيع فعله نحن أبناء العشرين أو الثلاثين أو حتى الأربعين والخمسين لا يستطيع ابن الستين أو الثمانين القيام به. كما أن الحياة، ونحن في عنفوان الشباب، مقبلين بقوة على جمال الحياة، نريد أن نرتشف متعها وملذاتها أما حياة الكهولة فهي مملة وقاسية «ويا لله حسن الخاتمة». ثم تحمس الشاب العربي بزيادة قائلا: أما سمعتم قوله تعالى: فطال عليهم الأمد فقست قلوبهم، لم يتحمل أحد كبار السن من العرب هذا الكلام فرد سريع، أما سمعتم الحديث الشريف «خياركم أطولكم أعمارًا» ثم يكمل كبير السن.. من قال لكم بأن حياتنا مملة ورديئة؟ ففي الكبر متع ومباهج لا تعد ولا تحصى، فمتعة قراءة رواية رائعة في العشرين من العمر لا تقاس بذات المتعة ونحن نقرؤها بعمر السبعين، فتراكم الخبرات والتجارب يضفي على ذات الرواية طعما لا يتذوقه إلا أبناء الستين والسبعين. كما أن متعة الاستماع إلى معزوفة كلاسيكية في العشرين من العمر، ليست كتلك المتعة ونحن في منتصف السبعينيات، أو حتى الثمانينيات من العمر. كما أن متعة التعايش مع الآخر المختلف لا تختمر إلا في الكبر، كما أن العلاقات الأسرية في الكبر ذات معنى عميق وهي مشاعر رائعة لا يعرفها صغار السن، الأكثر انشغالا بتكوين أسرهم وتربية أبنائهم. جاء دور الياباني في الحديث ويبدو عليه أنه بعمر الثمانين، قال لعلكم تصنفوني من كبار السن فالمعمرين عندكم يصلون للثمانين، أما عندنا في اليابان فأنا مازلت في عنفوان الشباب فلدينا في اليابان قرية المعمرين في شمال أوكيناوا أكبرهم 113 وأصغرهم في الثمانين من العمر فالأمر ليس ضربًا من الخيال بل هي حقيقة والآن نحن نحتفل هذا العام بأن الحقيقة إلى ظاهرة فعدد الأشخاص الذين تجاوزت أعمارهم مئة عام ارتفع هذا العام 2023 بواقع 1613 مقارنة ب2022، ليبلغ 92 ألفًا و139 شخص.

وتشكل عدد النساء قرابة 88 % من إجمالي المعمرين، وقد بلغ متوسط عمر للنساء في اليابان نحو 87 عامًا، والرجال نحو 81 عامًا. يقول الياباني أنه مقتنع بمقولة: «الناس يشيخون ويموتون لأنهم يرون أشخاصًا آخرين يشيخون ويموتون» البشر مخلوق قادر على تغيير حالته البيولوجية من خلال ما يفكر فيه ويشعر، فالإنسان يمتلك الوعي وحالته الذهنية تؤثر على ما يَعِيه. بيكاسو، ومايكل أنجيلو وغيرهم كانت مساهماتهم للحضارة وهم في التسعين من العمر، ولو تتبع الأمر ستتفاجأ بأن العمر البيولوجي لا يتوازى بالضرورة مع العمر الزمني، فهنالك من هو في سن العشرين ولكن من الناحية البيولوجية هو عجوز لأكثر من سبب منها: تجمع السموم في الجسم، والشعور بأنك مستهلك عاطفيًّا وجسديًّا. هذا الاجتماع خيالي ولكنه يحكي حقيقة أن العمر الحقيقي هو الذي نشعر به، ونعيشه، ونعيش معه وما أسخف أولئك الذين يصرون على التعامل معك وفقًا لشهادة الميلاد، يخرجونها بوجهك كل دقيقة، يريدون أن يضيفوا إلى قيودهم قيدًا جديدًا، اسمه العمر، ويسطرون أمامك مقولاتهم الخالدة «أكبر منك بيوم اعلم منك بسنة» و«لا تأخذ زمانك وزمان غيرك» و«كبرنا على هالسوالف» و«بعد ما شاب ودوه الكتاب» وللمرأة «أخيرًا أقول: من يعرف الحياة جيدًا سيدرك بأن العمر لا يعطيك قيمة.. بل أنت من تعطي لعمرك القيمة. أتمنى أن نصل نحن السعوديين إلى قائمة أكبر المعمرين في العالم».