آخر تحديث: 25 / 4 / 2024م - 6:41 م

لا يكفي ماذا تعرف.. بل من تعرف!

عبدالله الحجي *

يتساءل البعض أيهما أهم العلاقات، أم الخبرات والمؤهلات للحصول على وظيفة، وما يتبعها من علاوات وترقيات؟ من الطبيعي أن تختلف وجهات النظر حول هذا الموضوع وكل منها لها الاحترام والتقدير. من وجهة نظري الأهم هو التسلح بالعلم والمعرفة واكتساب الخبرات والمؤهلات. ولكن مع الأسف ذلك لا يكفي بمفرده في واقعنا العملي، ويخطئ من يعول عليه فقط بدون أن يولي اهتماما كبيراً لجانب العلاقات شئنا أم أبينا. حسب دراسة أمريكية أن 70٪ من الوظائف يتم الالتحاق بها من خلال شبكة العلاقات وليس بمجرد تقديم السيرة الذاتية.

الكفاءة والخبرات والمؤهلات تكمن أهميتها مع من يقدرها في عالم يسوده النزاهة والمثاليات ليدرك المرء ما يسعى لتحقيقه ويلبي طموحه، أما مع انعدام هذه البيئة فلا يُستغني عن بناء علاقات متينة في شتى المجالات بالإضافة إلى سلاح العلم والخبرة.

من يستطيع العيش في هذه الأيام بدون علاقات لتسيير أموره في مختلف المجالات صغيرة كانت أم كبير؟ هذه العلاقات منها ما هو محمود يستفيد منه الإنسان بدون إحداث ضرر للآخرين وانتهاك النظام والقانون. ومنها ما هو مذموم عندما ينعدم الوازع الديني والأخلاقي بدون أي تورع ويكون على حساب الآخرين بغض النظر عن آثاره ونتائجه السلبية الوخيمة.

العلاقات مهمة ليست فقط أثناء البحث عن وظيفة بل حتى في التقييم السنوي والترقيات، فمن يتمتع بعلاقات أفضل يكون له نصيب أفضل. فالأمر لا يقتصر على ما تعرف ولا على الجد والاجتهاد والكدح وتكريس الوقت والعمل الدؤوب والانجاز والتميز خلال العام، بل يعتمد أيضا بنفس النسبة على من تعرف ومن يقف خلفك، مما يكون له أثر سلبي على أداء الموظفين وتحطيم معنوياتهم في بعض المؤسسات والشركات التي تنعدم فيها قيم النزاهة والعدالة.

وبعيدا عن مجال الوظيفة والتقييم، لاشك بأن كل شخص قد مر بالعديد من المواقف والمعاملات التي وقفت متعثرة وعانى من المماطلة والتأخير لفترة طويلة لافتقاره للذكاء الاجتماعي والعلاقات التي أصبحت ضرورة من ضروريات الحياة. ويكفي الوقوف على موقف واحد حتى لا يطول المقام.

أحد الموظفين كان في مهمة عمل مع دائرة أخرى في نفس المنظومة وقد أعجب بعمله الجديد وطلب الانتقال إليه. فأخذ يتردد بين المديرين، أحدهما يطلب بديلا له والآخر يعتذر لعدم وجود البديل. استمر في المطالبة لأكثر من أربع سنوات وعندما شعر باليأس، لجأ إلى الوسيلة التي كانت في يده ولكنه كان يرفض استخدامها. في يوم من الأيام التقى بأحد أقربائه الذين كان له علاقة برئيس مديره المباشر وتناول الموضوع معه. وخلال يومين تلقى اتصالا من مديره يبشره بالموافقة على نقله.. فسأله عن موضوع البديل.. فقال له لا تحمل هم سنتدبر أمره لاحقاً. مع العلم بأن مديره كان في إجازة قصيرة إلا أنه لم يتمكن من الانتظار حتى يعود ليزف له البشرى. وبعدها بساعات تلقى اتصالا من المدير الآخر يبشره بالموافقة على النقل وهو سعيد بانضمامه إليهم. حينها استبشر خيراً وقدم لهما الشكر والتقدير على تعاونهما، وبدأت الإجراءات مباشرة وكلما جد جديد وصلته الأخبار بدون تعب حتى اكتملت وتلقى البشرى والتهنئة منهما وكأن كل منهما صاحب فضل ومعروف عليه بعد أن كان يعاني من طرق أبوابهما لأكثر من أربع سنوات، اختصرت بمجرد مكالمة لم تستغرق أكثر من أربع دقائق!