آخر تحديث: 26 / 4 / 2024م - 6:00 م

مثقفون: الصدق والتواصل الناجح أبرز مقومات الكاريزما

جهات الإخبارية جمال الناصر - القطيف

كلمة ”الكاريزما“ في اللغة الإنجليزية ”Charisma“، وفي اليونانية تأتي بكونها الهدية أو الهيبة والتأثير، سلطة فوق العادة، تشبه بالسحر الشخصي أو سحر الشخصية أو قوة الشخصية، نتيجة الجاذبية والحضور، الذي يفرض ذاته على الآخرين، لتكون شخصية لها التأثير في استجلاء الولاء والحماس في لغتها الجاذبية، قدرات غير طبيعية في القيادة والإقناع وأسر الآخرين، كما أنها تمتاز بالقدرة على إلهام الآخرين عند الاتصال بهم، وجذب انتباههم بشكل أكثر من المعتاد.

وبدورها، استقرأت ”جهينة الإخبارية“ البيئة التي تحيط بالشخصية ”الكاريزمية“ وماهيتها بين مسافات بصر ثقافية واجتماعية، يدلي به نخبة من المثقفين والمهتمين بالشأن الثقافي والاجتماعي.

وأكد مثقفون ومهتمون بالشأن الثقافي والاجتماعي أن الشخصية الكاريزمية، تمتلك الجاذبية والفتنة وسحر الشخصية، ولها حضور طاغٍ، وتستطيع التأثير على الآخرين إيجابًا أو سلبًا بالارتباط بهم جسديًا وعاطفيًا وثقافيًا، بكونها شخصية إنسانية.

الكاريزما  الإنسانية

بين الكاتب والناقد الأدبي محمد الحميدي، أن ”الكاريزما“ هي الشخصية الإنسانية التي يظهر الفرد عبرها، فلدى الجميع شخصية ما، بعضها ضعيف وبعضها متذبذب وبعضها مسيطر بسبب قدرة شخصية أو رمزية أو إمكانية ما، هذه السيطرة بكل ما يحيط بها، هي ما تصنع  الكاريزما  الإنسانية.

وقال: ”ليس اللباس والمظهر فقط، فهي بالتالي مجموع مركب من عدة عناصر في الشكل والهيئة والسلوك والأخلاق تجتمع في فرد ما بسببها، يصبح ذا جاذبية معينة وممتلكًا لتأثير على الآخرين“، لافتًا إلى أن الأشياء بطبيعتها اكتسابية بما فيها الأخلاق والسلوك، والشخصية الكاريزمية ليست بعيدة عنها، حيث أن الصفات الإنسانية الجميلة والحميدة وطريقة الحديث ولباقته ودبلوماسيته يمكن اكتسابها، كذلك القيادة والسيطرة والتأثير.

وذكر بأن هناك معهد اسمه معهد إعداد القادة  للرياضة ، متصورًا بأنه سيكون مفيدًا من هذه الناحية بحيث يعلم الإنسان كيفية الإيماءة الجسدية والتعامل مع الآخر وإقناعه، وقال: ”عالمنا اليوم خاضع للدراسة الأكاديمية والفنية، وبوسع الفرد الحصول على المهارات اللازمة“.

وأفاد بأن صفتان ينبغي أن يتصف بهما من يريد أن يصبح ذا شخصية كاريزمية أو استثنائية، وهما صعبتان للغاية ولكن المحاولة لا تضر، فالصفة الأولى، هي البراعة في فن من الفنون أو علم من العلوم حد إتقانه أو الإيحاء بإتقانه الإتقان التام، فأفعاله وأقواله تنم عن الموثوقية العالية التي لا يمكن أن يتطرق إليها الشك.

وتابع: والصفة الثانية هي صفة الصدق أو المصداقية، فالذي لا يصدق مع الآخرين ومع نفسه يستحيل عليه أن يكون صاحب تأثير، وإن ادعى خلاف ذلك فإنه محتال، وقال: ”برأيي هاتان الصفتان أهم ما في الشخصية الاستثنائية، والبقية تتبعها، كالملبس والسلوك والتعامل وغيرها“.

ونوه إلى أن التواصل البصري هام جدًا وهو فن ينبغي على الإنسان اكتسابه، مبينًا أن النظر إلى العين مباشرة أثناء الحديث يوحي بالثقة ويدفع شبهة التصنع ويعطي الطرف الآخر المجال للتعبير عن نفسه.

وقال: ”لهذا نلحظ الأشخاص المؤثرين لا يحولون أنظارهم عن المتحدث مهما كان كلامه صوابًا أم خطأ، بل يستمرون معه ويشعرونه بأهمية ما يقول، ويضاف إلى ذلك التعاطف معه وإشعاره بالمساندة، فمفعول العاطفة قوي وباهر في الغالب“.

الشخصية القريبة للقلب

وترى عضو المجلس البلدي في القطيف عرفات الماجد، أن الكاريزما هي الشخصية القريبة للقلب والأسرع في الإقناع مع لمحة من خفة الدم، مبينة أن تكامل هذه العناصر، يجعل للشخص كاريزما أو حضورًا، يتقبلها الناس برحابة صدر ويسعدون بالاستماع لها وإطاعتها في الكثير من الأمور مما يجعلها الشخصية الجاذبة.

وبينت بأن الكاريزما هي مجموعة من المهارات، التي يعمل التدريب عليها دورًا كبيرًا في تطورها، إلا أن أغلب من يملكون الكاريزما يمتلكون مقوماتها بشكل طبيعي وغير مكتسب إلا أن كثيرين كسروا القاعدة، كهيلاري كلينتون وأوبرا وينفري.

وقالت: ”هاتان السيدتان لم يكن يملكن مقومات الكاريزما إلا أن الإصرار والتدريب لعب دورًا في شخصياتهن القوية وجعلهن من أبرز الشخصيات المؤثرة، في حين أن الملكة رانيا العبد الله مثلا أو الأميرة ديانا امتلكن هذه الملكة ببساطة وعدلن على مهاراتهن بشكل بسيط“.

وأكدت أن المصداقية بالدرجة الأولى واحترام الجمهور هو أكبر عوامل الكاريزما، منوهة إلى أنه من الصعب أن تستمر، كشخصية لها حضورها، وهي لا تمتلك المصداقية المطلوبة أو أن الناس لا يثقون بها أو يشككون بقدراتها.

وذكرت بأن من أساسيات مخاطبة الجمهور هو توزيع النظرات وعدم تركيز النظر في جهة واحدة أو على شخص واحد، إلا أن كان الخطاب موجه عن طريق شاشة عرض فهنا تختلف الآلية.

وتابعت: ”ومع توزيع النظرات من الأفضل دائمًا الابتسام ومنح الثقة للحضور وليس الجمود، فالمحاضر الجامد بالعادة ممل ولا يمكن الاستمرار في سماعه أكثر من ربع ساعة، كذلك لا يمكن إغفال مدح الحضور بشكل موضوعي، الذي يرفع من روحهم المعنوية ويحفزهم للاستماع أكثر، لأننا كبشر نحب المدح بطبيعة الحال“.

وأجابت بحكم عملها في المجلس البلدي والإذاعة، كذلك وجودها في العمل الاجتماعي ميدانيًا وثقافيًا، توصيفًا ما يسمى ”الكاريزما“.

وقالت: ”إن مقومات الكاريزما موجودة في كثير من الناس بشكل طبيعي وكثير منهم تشعر بأنهم يشعلون الغرفة نورًا حين دخولهم إليها بسبب طاقتهم الإيجابية ومن خلال عملي التقيت الكثير منهم بصراحة، هؤلاء يثرون الساحة ويخدمون المجتمع بأقصى طاقاتهم والبعض الآخر  للأسف  متصنع وترى هذه العينة أيضا كثيرا للأسف إلا أنهم مكشوفون في الأغلب للناس“.

الشخصية الملهمة

من جهتها بينت الاستشارية الأسرية معصومة العبد الرضا، أن ”الكاريزما“ تُعنى بالشخصية الملهمة والجاذبية المقنعة، الشخصية القادرة على إقناع الآخر دون سطوة، موضحة أن ”الكاريزما“ مصطلح يوناني أصلاً مشتق من كلمة نعمة، أي هبة إلهية تجعل المرء مفضلاً لجاذبيته.

وقالت: ”الشخصية الكاريزمية، تمتلك الجاذبية والفتنة وسحر الشخصية، ولها حضور طاغ، وتستطيع التأثير على الآخرين إيجابًا أو سلبًا بالارتباط بهم جسديًا وعاطفيًا وثقافيًا“.

وأجابت على إمكانية تعلم القدرة على التأثير والإقناع، التي تتحلى بها الشخصية الكاريزمية لتخضع إلى الاكتسابية، بأنه كل شيء قابل للتعلم والكاريزمية هبة ربانية منفردة، لأشخاص دون آخرين وكل شخصية لها نمطها المعروفة، إذ من أجمل ما يتحلى به الشخص الحفاظ على هويته الشخصية وعدم تقليد الآخرين حفاظًا على ذاته، إن تقليد الآخرين يجعله ممسوخ الهوية.

ونوهت إلى إمكانية تعلم عوامل الشخصية الكاريزمية كصفة لازمة، من خلال: الثقة بالنفس وتقدير الذات وتكريمها بعد كل منجز مهما صغر، كذلك الاسترخاء بين الفينة والأخرى حفاظًا على نشاط الذاكرة وتقبل الآخرين، كما هم دون فرضية إظهار العواطف القوية وممارسة فني الاعتذار والتسامح.

وتابعت: ”تعلم فنون التواصل والحوار باستخدام لغة الجسد بكل المعايير والحوار الهادف دون فرض الآراء مع احترام وجهات النظر، كسبًا لثقة الآخرين، والتواضع وعدم الفوقية والتريث في إصدار الأحكام على الآخرين والمواقف“.

وتحدثت عن المهارات التي تمنحن الإنسان القدرة على التأثير وجذب الانتباه والولاء، كتنمية مهارات الاستماع واستغلال الوقت وأوقات الآخرين وعدم هدره والتكيف مع الآخرين بتغيرات الظروف ومعرفة أنماط الشخصية، كذلك التدريب على أنواع الذكاء.

وذكرت أن أهمية التواصل البصري وطرح الاستفسارات على المخاطبين في ما يُعنى في الحصول على إجابات طويلة - الاستفسارات المفتوحة -، كونها تثير الاهتمام لدى الآخر، سعيًا في منحه الثقة والإصغاء باهتمام، أن التواصل البصري قراءة تعين على معرفة ما يبتغيه الآخر من خلال معاينة الوجه والعينين والجسد عامة.

وقالت: ”هي لغة ثانية جميل تعلمها وممارستها، فالتواصل البصري، يختصر الكثير من الكلام والشروح والتفاصيل، ويمثل عنوانًا لمفاهيم عديدة في حالة السلب والإيجاب والتواصل البصري، كذلك نبرة الصوت ودرجته“.

وأكدت على الحاجة الماسة إلى تنشئة جيل صالح متوافق نفسيًا واجتماعيًا وغرس مفاهيم تتوافق مع رؤية المملكة في ظل التحول الوطني، مبينة أنه لا يتأتى إلا بأسلوب جاذب وطاقة عاطفية مؤثرة في الناس مع امتلاك القدرة على الإقناع والتصدي، لأي هدم بفكر حماسي مثقف طموح.

منحة ربانية

وأوضحت الناشطة الاجتماعية إنعام آل عصفور أن الكاريزما هي هبة أو منحة ربانية، يتصف صاحبها بحضوره القوي والفعال، الذي لا ينسى ولا يتوه وسط زحام الشخوص ”الهيبة“ حتى وإن كان صامتًا، مشيرة إلى أنه تزيد قوتها عندما يتحدث حيث يؤثر من يمتلكها إيجابيًا في الآخرين فكريًا وعاطفيًا.

وقالت: يجب أن ندرك أن الكاريزما في جل خصائصها توجد في الشخص منذ ولادته، تكون لديه قدرات روحية وصفات نادرة كالذكاء والطموح، كذلك محبوبًا من الآخرين، حماسي ونشط اجتماعيًا، يعشق التحدي والإصرار.

وتابعت: ”طيع مع الآخرين متفهم وواثق من نفسه، مستمع جيدًا للآخرين ويجيد الصمت وصياغة عباراته بشكل جيد، لديه فكر منفتح وبصيرة نافذة، ولا يكيل الأمور بمكيالين“، مؤكدة بأن قوة الكاريزما تزيد مع تمتع الشخصية بالثقافة وتنمية المهارات الذاتية.

ونوهت إلى أن الإنسان يستطيع اكتساب بعض المهارات والسلوكيات الشخصية المؤثرة، مبينة إنها مزيج متكامل من المقومات الفطرية والإدراكية والصقل الاجتماعي، وهذا يدخل ضمن إمكانيات عمل الدماغ البشري السوي.

وأضافت: ”ويستطيع تنميتها من خلال زيادة الثقة بالنفس، فنجد أن العديد من الناس، يحاولون تقليد واتباع الشخصية الكاريزمية، ليعززوا ثقتهم بذواتهم كخطوة أولى، واستعانته بالخيال الخصب الإيجابي وبلورة الرؤي ووضع الخطط البعيدة المدى، والبحث في مكامن القوة وتعزيزها وصقلها وحصر نقاط الضعف، سعيًا في تقويتها“.

ودعت إلى الإيجابية والابتعاد عن السلبية وتعلم الموازنة بين الصراحة ومراعاة مشاعر الآخرين، أثنا تقديم النصيحة أو التوجيه، والتروج لنفسه إيجابيًا من خلال ”دع أفعالك تتحدث عنك“، كذلك الاهتمام بالقالب الخارجي، لأنه بوابة أولى للقبول، قادرًا على استشعار هموم ومشاكل الآخرين، لمن يريد أن يتمتع بالكاريزما.

وقالت: ”عليه المخاطرة بالظهور كشخص مختلف بطريقة درامية وإيجابية، ومبتسمًا، لأن الابتسامة، هي مفتاح القلوب“، مشيرة إلى ضرورة أن يكون طبيعيًا غير متكلفًا ولا منطويًا، يجيد التعامل مع جميع فئات المجتمع، بعيدًا عن الغرور والتكبر، لأنها ستكون مقبرته.

وأضافت: ”وبما أنه قد يكون مصدر إلهام للآخرين عليه التنبه، لكل ما يقول ويفعل، والتركيز على استمرار تطوير ذاته ومهاراته وإلا سيقع في خندق الوصول إلى النهاية“، لافتة ليس عليه أن يسعى لكسب رضا الكل، لأن رضى الناس غاية لا تدرك، مشددة على تخطي الإساءة بكل عقلانية.

وأفادت أن الفشل في التركيز على المتحدث هو أصل العديد من صعوبات التواصل، مؤكدة أن لغة الجسد من أهم ما يميز التواصل الإيجابي.

وقالت: ”العين هي أهم وسيلة تواصل بين المتحدثين وأهم لغات الجسد، وتنقل رسائل هامة عن مدى كفاءتنا الاجتماعية وثقتنا بأنفسنا“، منبهة إلى أن التحديق البصري المتواصل - سيشعر الآخر بالانزعاج.

ونوهت إلى أن الكاريزما نعمة يجب أن نستغلها في سبيل الخير والنهوض بالمجتمع لتكون بمثابة الأمانة، التي يجب المحافظة عليها والتعامل معها بشكل يوصل الى الرقي والتطور وخدمة المجتمع، وقالت: "كل الأنبياء كانت لديهم كاريزما، مكنتهم من أداء الرسالة على أكمل وجه.

جاذبية الشخص

ووصفت عضو المجلس البلدي في القطيف خضراء المبارك، الكاريزما بقوة الحضور أمام الآخرين، وجاذبية الشخص للآخرين وما يتبعه من مقدرة على التأثير عليهم.

وقالت: ”كل شخص وفي أي عمر ومستوى علمي ووظيفي، يمكن له أن يكتسب أدوات ومقومات ا - لكاريزما - أو المقدرة على جذب الآخرين إليه، نتيجة لتداخل عدد من العوامل، أولها التغلب على قيود التردد والخوف من مواجهة الآخرين والجموع في الحديث إليهم ومناقشتهم، وتطوير أدوات التواصل معهم في لغة التخاطب وكيفية التخاطب في الصوت ومعرفة الآخرين والتمكن من الإلمام بمفاتيح التواصل معهم، واكتساب مهارات، بحيث تترك اثرًا وبصمة مختلفة وإيجابية في اللقاء مع الآخرين“.

وأفادت أن التواصل مع الآخرين بشتى الطرق تعد من الأمور المهمة، التي تساعد على إيصال الأفكار لهم، منوهة إلى أن الهدف من اللقاء هو الذي يحتم آلية التواصل بين المجتمعين، وقالت: ”ربما كان طرح الأسئلة في أحد اللقاءات مجديًا وضروريًا، في حين نجده عامل نفور وملل في لقاءات أخرى“.

وتابعت: ”وهنا تظهر مهارات الشخص في معرفة الأسلوب الأمثل، لجذب جمهوره لما يطرحه وإيصال قناعاته إليهم“، مضيفة: ”إن عملي في خدمة المجتمع والعمل التطوعي تحديدًا الممتد لسنوات طويلة، أكسبني خبرات متراكمة في معرفة الأشخاص من خلال أساليبهم ولغات تواصلهم وغاياتهم، وأعطاني القدرة على اختيار الأسلوب الأمثل والأجدى للتعامل مع كل منهم“.