آخر تحديث: 19 / 4 / 2024م - 5:35 م

ما الذي سيحدث لمستوى المعيشة في السعودية؟

الدكتور إحسان علي بوحليقة * صحيفة مال الاقتصادية

مع انطلاقة العام الجديد «2018» دخل تطبيق ضريبة القيمة المضافة حيز النفاذ، وكذلك إجراءات إعادة هيكلة منظومة الدعم الحكومي، أو اختصاراً ”خفض الدعم الحكومي“. ووفقاً للأدبيات الرسمية فإن مقدار الدعم يساوي الفرق بين السعر الدولي السائد والسعر المحلي حالياً.

ليس هناك أية مفاجآت، فقد أعلنت الحكومة في بيان ميزانية العام 2016، نعم العام 2016، بأنها ستعيد النظر في منظومة الدعم الحكومي، بل أنها اتخذت قراراً بأن بدأت ذلك العام بالرفع التدريجي لسعر منتجات الطاقة والمياه. وعندما أعلنت الحكومة ”رؤية المملكة 2030“، وأخذت تطلق برامج تحقيق الرؤية تباعاً، أماطت اللثام عن برنامج يسمى ”برنامج تحقيق التوازن المالي 2020“، وبينت فيه خارطة طريق للوصول إلى التوازن المالي «أي اصدار ميزانية عامة متوازنة بلا عجز» مع العام 2019، وعرضت العناصر المكونة للبرنامج، بما في ذلك الوصول - تدريجياً - بأسعار المحروقات والكهرباء والمياه إلى الأسعار المرجعية «الدولية»، وفرض ضريبة للقيمة المضافة وضريبة انتقائية على السلع، ومقابل مالي على الوافدين ومرافقيهم، وتوجيه الدعم ليصبح موجهاً ونقدياً «cash - based». وبذلك يصبح البرنامج، هو برنامج للتحول الاجتماعي - الاقتصادي لمنظومة شاملة مكثت عقوداً. ومبرر الحكومة لإطلاق هذا البرنامج هو رفع كفاءة الانفاق الحكومي بما في ذلك الحد من الهدر وإيجاد آلية لحفز المواطنين على الترشيد.

ومع الإقرار أن تحديد مقدار الدعم والضرائب هو شأن سيادي للحكومة، كما هو الأمر في سائر البلدان، إلا أن تزامن العديد من رفع الأسعار والضريبة الجديدة سيؤدي - بطبيعة الحال - إلى رفع تكلفة المعيشة، وبالتالي لزيادة الضغوط التضخمية، ورفع مؤشر الأسعار، في توجه معاكس لما كان عليه الحال في العام 2017، عندما شهد مؤشر الأسعار هبوطاً للمنطقة السالبة لعشرة أشهر. لكن العام الماضي «2017» كان عام ركود، حيث دخل فيه الاقتصاد السعودي فنياً، وانكمش بنحو 0,5 بالمائة، وفقاً للبيانات الرسمية التي صدرت بالتزامن مع إعلان ميزانية العام 2018.

وعلى النقيض، فإن توقعات وزارة الاقتصاد والتخطيط السعودية تقول أن الاقتصاد سيشهد نمواً - بالأسعار الثابتة - في حدود 2,7 بالمائة في العام 2018.

​وفي هذا السياق، ما يهمنا هنا ان تتجاوز وتيرة النمو وتيرة التضخم «ارتفاع الأسعار»، بمعنى أن ليس خياراً بقاء مستوى الأجور على ما هو عليه حالياً. ولذا، فإن الرهان هو تحقيق مستوى إيجابي من النمو الاقتصادي يؤدي إلى تحسين مستوى المعيشة بمقدار أعلى مما قد يؤدي التضخم إلى تأكله من دخل. بمعنى، لو كان دخل شخص 4000 ريال شهرياً، وارتفع التضخم بمعدل 5 بالمائة في حين ارتفع دخل ذلك الشخص بمعدل 7 بالمائة، فيكون الهدف في الحفاظ على مستوى المعيشة قد تحقق إلى حدٍ بعيد، والعكس بالعكس.

وبالقطع، فإن هذا الأمر لن يتحقق من تلقاء نفسه، بل أنه لابد من زيادة الانفاق بما يؤدي إلى زيادة الطلب على السلع والخدمات، وكذلك لابد من زيادة الانفاق الرأسمالي والاستثماري بما يؤدي لتوليد فرص توظيف لاستيعاب نحو 300 ألف سعودي وسعودية من المتوقع أن يدخلوا سوق العمل في عام 2018. ولذا، نجد أن الميزانية للعام 2018 ارتكزت إلى مستوى قياسي من الانفاق، يبلغ إجماليه 1,110 ترليون ريال، منها 338 مليار اتفاق رأسمالي واستثماري مصدرها الخزانة العامة والصناديق الحكومية.

التحدي إذاً، أن تنتج هذه الأموال نمواً يرفع الطلب على الموارد البشرية فيفتح فرص وظيفية جديدة ويُحسن الأجور إجمالاً ويولد فرصاً للمنشآت متناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة.

كاتب ومستشار اقتصادي، رئيس مركز جواثا الاستشاري لتطوير الأعمال، عضو سابق في مجلس الشورى