آخر تحديث: 29 / 3 / 2024م - 1:31 ص

لماذا لا يفضل السعوديون العمل في القطاع الخاص

علي جعفر الشريمي * صحيفة الوطن

وزارة العمل والتنمية الاجتماعية عليها مسؤولية كبيرة في إعادة النظر في استراتيجية التوظيف في القطاع الخاص

تتعالى أصوات موظفي القطاع الخاص وتتكرر استغاثاتهم الفترة تلو الأخرى، كان آخرها قبل أيام عندما طالب عدد كبير من الموظفين السعوديين في موقع «تويتر» القطاع الخاص بالتفاعل مع الأوامر الملكية بدعم موظفيه، خاصة بعدما تفاعل بعض الشركات بمنح الموظفين بدل غلاء المعيشة، متمنين أن تحذوا باقي الشركات حذو مثيلاتها، إذ تصدر هاشتاق: «القطاع الخاص» قائمة الأكثر تداولا بموقع التواصل الاجتماعي.

السؤال: لماذا لم تبادر الكثير من الشركات بدعم موظفيها ببدل غلاء معيشة حتى ولو ب 500 ريال؟ هل هناك عجز تعاني منه هذه الشركات؟ في الواقع لا أعتقد أنها قضية عجز مالي وإنما هي قضية عجز لبعض الشركات في كيفية استيعاب السعوديين للعمل لديها من ناحية الحقوق والأمان والبيئة الثقافية، ورغم أن التغيرات الاقتصادية تتطلب زيادة فرص عمل السعوديين في القطاع الخاص، فإن هذا القطاع يحتاج أيضاً إلى التكيف لخلق بيئات عمل وثقافة تناسب السعوديين، فهم بحاجة إلى أكثر من راتب جيد في القطاع الخاص، بحاجة إلى الشعور بأنهم موضع ترحيب، وأن الشركات ترغب في توظيفهم لمهاراتهم، وليس فقط لأنهم مجرد رقم لملء الحصص التي يفرضها برنامج نطاقات.

الهاشتاقات الأخيرة تؤكد بما لا يدع مجالا للشك أن الحال في القطاع الخاص من سيئ إلى أسوأ، وبدل أن يكون موازيًا للقطاع الحكومي في مميزاته بل منافسا له وجاذبا للمواطن، كما هو الحال في أعظم الدول الاقتصادية كالصين وأميركا وكوريا الجنوبية، وجدناه هُنا بيئة طاردة للعمل، والدليل على ذلك التقارير الأخيرة لوزارة العمل والتنمية الاجتماعية، التي تشير إلى أن معدل توظيف السعوديين في القطاع الخاص للعام 2016 تراجع بنسبة 37% مقارنة بالعام الذي سبقه، وهذا يعني أن هناك عزوفا من السعوديين عن وظائف القطاع الخاص، والسبب هو في ضعف جاهزية القطاع الخاص لتوفير بيئة عمل مناسبة، ولعل المادة 77 هي شاهد آخر على ما نقول في استقواء بعض الشركات بهذه المادة، ما جعلها تسرح وتمرح على رقاب موظفي هذا القطاع بالفصل التعسفي للسعودي.

خذ مثالا آخر على عدم التزام القطاع الخاص بقوانين وزارة العمل، حيث تستحق الموظفة السعودية المتزوجة تأمينا صحيا لها ولجميع أفراد أسرتها، بمن فيهم زوجها الموظف الحكومي، الذي لا يملك تأمينا صحيا، فنجد أن الكثير من الشركات لا توفر تأمينا صحيا حتى لأبناء الموظفة، في مخالفة صريحة لقوانين وزارة العمل!

البعض يتحجج بعدم تأهيل السعوديين للعمل في القطاع الخاص، والحقيقة أن المملكة استثمرت في التعليم التقني، لكن ما زال السعوديون المؤهلون الباحثون عن وظائف لا يجدون أنفسهم في وضع أفضل للمنافسة في القطاع الخاص، حسب النتائج حتى الآن، خاصة عندما نقارنهم مع بعض دول الخليج، نجد أنهم يحصلون على رواتب أدنى، فمتوسط الراتب الشهري للسعوديين العاملين في القطاع الخاص 6500 ريال، مقارنة مع متوسط 15500 ريال في دول الخليج. لهذه الأسباب لا يفضل الموظف السعودي العمل في القطاع الخاص.

أخير أقول: وزارة العمل والتنمية الاجتماعية عليها مسؤولية كبيرة في إعادة النظر في استراتيجية التوظيف في القطاع الخاص، ووضع خطة تنفيذية ببرنامج زمني ومؤشرات قياس للأداء، ووضع عقوبات صارمة لمخالفة القوانين.