آخر تحديث: 26 / 4 / 2024م - 1:52 ص

شهاب.. رجل الصعاب والتاريخ الذي لا ينسى.. وداعا

الكثير من الاسماء في التاريخ القديم والحديث بقت خالدة في أذهان الناس وتضرب بها الأمثال على مر العصور لأفعال كبيرة قامت بها جعلت منهم حديث الأجيال المتعاقبة.

وهنا في بلدة القديح المفعمة برائحة الماضي وعبق الحاضر حيث تمتزج فيها النخوة والشهامة والطيبة والحمية برز إسم «شهاب» كعائلة ولكن في الحقيقة كان هذا الإسم يتمحور في شخصية عصامية من الدرجة الأولى ألا وهو عبد رب الرسول شهاب الذي كان العمود الفقري لهذه العائلة وربانها الذي أخذ بها إلى الوجاهة والريادة طوال الأربعين سنة الماضية.

عندما نتكلم عن هذه الشخصية فإننا نقف حائرين من أين نبدأ وكيف نصف حيث أننا أمام رجل مكافح من الدرجة الأولى بدأ حياته بين البحر والبر والنخيل من عمر صغير حاملا على اكتافه حملا كبيرا من الأعمال الشاقة والعصيبة متنقلا بينها بكل قوة وإرادة فكانت النواة الأولى لتاريخ مليء بالكفاح والنجاح.

لم تمضي إلا سنوات بسيطة حتى كان شهاب إسما بارزا في القديح وكل المنطقة حيث أستطاع أن ينشئء منظومة من الأعمال والمشاريع الناجحة والفريدة رغم كل الصعاب والتحديات والمخاطر إلا إن ثقته في نفسه ورؤيته البعيدة المدى جعلته يتخطى كل الحواجز ليصبح رجل أعمال من الطراز الأول.

بعد كل هذه النجاحات وهذا الثراء إلا أن شهاب بقى الإنسان المتواضع حلو المعشر ودائم البسمة وصاحب النكتة الجميلة المحب للخير والعطاء ودائم التواصل مع أهله ومجتمعه في أحزانهم وأفراحهم لا يفرق بين فقيرهم وغنيهم وصغيرهم وكبيرهم ولا يسع الحديث هنا لعدد كبير من القضايا الذي كان فيها هو البلسم لكثير من جراحات وآلام من قصدوه ليكون عونا لهم بكل ما يستطيع.

كان أبو حسن شهاب قلب القديح النابض حيث كانت في سلم أولوياته وإهتماماته وكان من الداعمين لكل المبادرات التي تخدم الأهالي والمجتمع حيث كان أحد أبرز المؤسسين للمجلس الأهلي والمتصدي الأول لقضايا البلدة التنموية والتعليمية والصحية والرياضية والثقافية وكل ما يتعلق بحياة أهلها وهمومهم.

ومع كل مشاغله وإرتباطاته إلا أنه لم يقف عند حدود بلدته بل تعداها ليكون رمزا من رموز القطيف وأحد وجهائها البارزين وإسما وطنيا بارزا حيث كان الوطن وأمنه والحفاظ على وحدته الوطنية بين جميع أطيافه السمة البارزة في خطاباته وكلامه حتى نال ثقة المسؤولين وتقديرهم.

هذه الشخصية النادرة تتسم بكاريزما متفردة وعجيبة رغم أنه لايملك شهادة علمية إلا إن مايكتنزه من معرفة وفصاحة وحكمة وما يحفظه من شعر وتاريخ إكتسبها من عصارة تجربة عملية ومخاض لسنين صقلت فيه إرادة وقوة وعلم وحلم جعلته يتغلب على أصحاب الشهادات العليا بكل جدارة.

تتجلى هذه الصفات وهذه القوة في أيام مرضه حيث كان صلبا ولم يستسلم وكان على رغم رحلاته العلاجية المتكررة إلا إنه كان يحضر إجتماع الأهالي وقت عودته ويناقش المواضيع المطروحة ويذهب مع الأخوة للقاء المسؤولين ولم يثنه مرضه عن مساعدة الآخرين وقضاء حوائجهم فقد كان وفيا بكل ما تعنيه الكلمة من معنى وكان السباق والمبادر والداعم والمعطاء والكريم.

لهذا رحيل مثل هكذا رجل هو خسارة كبيرة جدا لا تعوض بسهولة فما كان يحمله من صفات مميزة جعلته رائدا وقائدا لكل محافل بلده وستجعله خالدا في تاريخ هذه البلدة الولادة للمبدعين في كل المجالات فهو فخرها الذي تفتخر به أمام الجميع وكم نأمل من الجيل الجديد دراسة هذه الشخصية العصامية جيدا وإستخلاص الدروس منها ليكونوا قادة المستقبل.

ونختم هنا ببعض الأبيات لمرثية شعرية لإبن القديح الأستاذ والأديب إبراهيم الزين ينعى فيها الحاج الوجيه شهاب فأبدع في توصيف فراقه.

خبرٌ جاء يحمل الحزن ليلاً

بعدما غادر الحياة «شهابُ»

بعدما غادر القديح وجيهٌ

فقدتهُ الأوصاف والألقابُ

فقدته الأيتام من كان فيهم

كأبيهم.. كأنهم أنسابُ

فقدته من العطايا بيوتٌ

يحتويها كأنّهُ البوّابُ

فقدته القطيف في كل شبرٍ

طافهُ فانسل منه اليباب

نم هنيئاً يا ابن القديح قريراً

أنت نبضٌ وسط القلوب مهابُ

نم قريراً فليس مثلك شخص

سوف يحياه أهلهُ والصِّحابُ

سوف تبقى مدى الزمان شعارُ

ليس يفنى وهل يغيب الشهابُ

فرحم الله فقيد القديح والوطن الحاج عبد الرسول شهاب برحمته الواسعه.

وكل الأجر والعزاء لأهله ومحبيه ولقديحه وقطيفه ووطنه.

وإنا لله وإنا إليه راجعون