آخر تحديث: 28 / 3 / 2024م - 10:36 م

طرح «أرامكو» في «تداول» أولاً.. لمَ لا؟

الدكتور إحسان علي بوحليقة * صحيفة مال الالكترونية

لا أستغرب الاهتمام الذي توليه الصحافة الغربية - وحتى الرصينة والأكثر نفوذاً - لطرح جزء من ”أرامكو السعودية“ للاكتتاب العام، ويتجسد هذا الاهتمام، برصد كل همسة أو إيماءة، وتفسيرها وتحليلها والاستطراد بعيداً في ذلك التحليل لآفاق تقترب من التخرصات. ولتوضيح ذلك فخلال الأيام القليلة الماضية ظهرت أعتى وسائل الاعلام المتخصصة بشئون الاقتصاد والأعمال قائلةً أن جزءاً من «أرامكو» لن يطرح في العام 2018 بل سيكون في العام 2019، وتبعه خبر بأن سهم «أرامكو» قد يُدرج في السوق المحلية ”تداول“.

من أبجديات الطرح للاكتتاب العام مراعاة أفضل الظروف، وأن يكون الادراج في السوق الأنسب للشركة، وعادة ما تعسى الشركات الكبيرة للأسواق المالية الكبيرة، رغبةً في تحسين فرص بيع أسهمها المطروحة، ولتساعد ضخامة السيولة في السوق ووجود صانعي سوق محترفين في تسهيل تداول الأسهم شراءً وبيعاً، وتحسين فرص حصول الشركة على التمويل بأقل تكلفة، فالأسواق الصغيرة محدودة السيولة، مما يعني أن أسهماً قد تعرض ولا تجد من يشتريها، فإن كان عدد الأسهم المعروضة يومياً لشركة عملاقة أضخم من إمكانات مستوى السيولة في السوق فسيؤثر ذلك حتماً على سيولة الورقة المالية، وبالتالي يقلل من جاذبيتها للمستثمرين.

هذا إجمالاً، أماً تحديداً فقصة «أرامكو» مختلفة نوعاً، فهي شركة حكومية وتمتلك امتيازاً لاستغلال سلعةٍ رائجةٍ، وثمة وجاهة للقول بأن يكون طرحها في أكثر من سوق، بالتوالي وليس بالتزامن، بمعنى أن تُطرح أولاً في السوق السعودية ”تداول“ ثم تُطرح في سوق أو أسواق عالمية مثل نيويورك أو لندن أو هونج كونج، وفق برنامجٍ زمني محدد. ف «أرامكو» أكبر من أن تستوعبها ”تداول“ حالياً، فضلاً عن أن طرح «أرامكو» محلياً لن يجلب 375 مليار ريال، وهي القيمة المتوقعة لطرح 5 بالمائة من الشركة؛ فتلك القيمة توازي أكثر من خُمس القيمة السوقية لكل الأسهم المُدرجة في ”تداول“، علماً بأن إجمالي قيمة ”تداول“ بتاريخ أمس 14 مارس بلغ 1,837 ترليون ريال «489,9 مليار دولار»، أو ما يوازي كذلك 88 بالمائة من إجمالي قيمة الودائع الزمنية والادخارية في نظامنا المصرفي «428 مليار ريال».

«أرامكو» ”حوت أزرق“ ليس له مثيل، لن تستطيع السوق السعودية ”تداول“ أن تمنحه مجالاً كافياً للانطلاق، لكن لابد لها «أي تداول» من أن تشارك في توفير ذلك المجال، بتمكينها من القيام بوظيفة محددة، ضمن إطار ما يُعرف بلغة القانونيين بالحق الأول للرفض، بمعنى أن تُعرض الأسهم أولاً على المواطنين من خلال ”تداول“ ليساهموا في شراء جزءٍ مما سيطرح من أسهم شركتهم الأثيرة، لتأتي بعد ذلك الموجة الثانية من الطرح في سوق أو أسواق عالمية عملاقة تتيح للحوت الأزرق مجالاً كافياً للسباحة.

وهذه الممارسة ليست بدعاً في أعراف الطرح العام للشركات، لدرجة أنه متعارف على تسميتها ”نصيب الأهل والأصدقاء“ «Family and Friends Shares»، فيكون أمام الأهل والأصدقاء فرصة لممارسة حق الرفض الأول من خلال سوقنا المحلية، وبذلك تدرج هنا، ثم تُطرح عالمياً. وهناك أكثر من سيناريو تستحق التأمل والتحليل، أن يُطرح جزء من ال 5 بالمائة «1 إلى 2 بالمائة» محلياً، ثم طرح البقية عالمياً، ويشوب الأمر كثيرٌ من التفاصيل ليس هذا محلها.

كاتب ومستشار اقتصادي، رئيس مركز جواثا الاستشاري لتطوير الأعمال، عضو سابق في مجلس الشورى