آخر تحديث: 29 / 3 / 2024م - 11:37 ص

جامعة عفت بذرة مؤسسة الملك فيصل الخيرية

علي جعفر الشريمي * صحيفة الوطن

مبادرات المسؤولية الاجتماعية في جامعة عفت تعكس طبيعة توجهها التنموي الداخلي، ولذا يجب على كل القطاعات غير الربحية في المملكة أن تسير على هذا النهج

يبدو من تصريحات كثير من المسؤولين في المنظمات الدولية وأصحاب الرأي في الصحافة العالمية، التي يؤكدون من خلالها على أن المرأة السعودية قد أثبتت أهليتها وكفاءتها وجدارتها لما أعطي لها، وسوف يعطى من حقوق ثقافية واقتصادية واجتماعية، وهم يحتفلون بيوم المرأة العالمي، وكأنهم قد فوجئوا بما لم يكونوا يعرفونه أو يتوقعونه من قدرات المرأة السعودية وإمكاناتها، ولعل الكثيرين ذهلوا وهم يقرؤون الأخبار ووسائل التواصل الاجتماعي في الأيام القليلة الماضية عن مشاركة 250 طالبة من طالبات جامعة عفت بمدينة جدة في برنامج «مهارات القيادة لحياة آمنة للنساء»، وذلك بالتعاون مع شركة فورد والذي تم تصميمه ليلائم احتياجات الطالبات السعوديات في رحلة حصولهن على رخصة القيادة ومساعدة الشابات اللواتي يخططن لقيادة السيارة على امتلاك الثقة اللازمة والمهارة المطلوبة للقيادة بأمان على الطرقات، وقد شملت جلسات البرنامج التعرّف على السيارة واستخدام المكابح ومخاطر تشتت الانتباه وممارسة تجربة ارتداء «نظارات الرؤية المشوشة» المصممة لتأثيرات التعب أو النعاس.

ولعل أول ما يجذبك لمتابعة هذا الخبر وتفاصيله هو الاستفسار الذي يملؤه التعجب والدهشة من اهتمام الجامعة كمؤسسة تعليمية، في عقد شراكة مع القطاع الخاص في هكذا مشروعات وبرامج! ولعل هذا السؤال يطرح لأننا لم نتعود من جامعاتنا السعودية عقد شراكات لمشروعات يتبلور دورها في المسؤولية الاجتماعية، خاصة وأننا نتحدث عن جامعة أهلية غير ربحية، وهو الدور المنوط بالجامعات الحكومية والخاصة في توجيه المشروعات التي تخدم المجتمع، وتعكس دورها في تحمل المسؤولية الاجتماعية نحو المجتمع وتطلعات أفراده، ولعل الذين عاصروا إنشاء جامعة عفت قبل ما يقارب عقدين من الزمن يعرفون أن هذه الجامعة هي أولى الجامعات الأهلية النسائية غير الربحية في المملكة العربية السعودية، التي تعمل تحت مظلة مؤسسة الملك فيصل الخيرية. هذه المؤسسة غير الربحية التي لها تاريخها في دعم المبادرات المجتمعية التي تعلي من شأن الإنسان ورؤيتها العالمية «خدمة الإسلام وإنسان السلام»، ولذلك يجب على كل القطاعات غير الربحية في المملكة أن تنتهج هذا النهج الإستراتيجي في المسؤولية الاجتماعية من دعم المؤسسات الثقافية والتعليمية وبرامج المسؤولية الاجتماعية، ولا ينبغي أن يتوقف هذا الدعم، بل إن من حق القطاع غير الربحي أن يبني مؤسساته الثقافية والاجتماعية التي تبقى شاهدة على مشاركته في دعم هذه الثقافة وتعزيزها، وأن ينشئ أندية ومراكز ثقافية ومكتبات عامة ومسارح للفنون ومعارض للتشكيل، ومن حقه أيضا أن يقدم جوائزه للمبدعين كجائزة الملك فيصل العالمية، وهو بذلك يصبح قادرا على أن يضيف إضافة نوعية للعمل الثقافي والتعليمي والاجتماعي لإبراز الصورة المشرقة للمملكة، ولا يحتاج ذلك في نظري لأكثر من تسهيل الإجراءات لتتمكن هذه المؤسسات من الانخراط في دعم برامج المسؤولية الاجتماعية التي ستصب في الرؤية الشاملة للارتقاء بالوطن.

أخيرا أقول: مبادرات المسؤولية الاجتماعية في جامعة عفت تعكس طبيعة توجهها التنموي الداخلي، مثلما هي توصيف دقيق لمشاعل التنافسية التي ابتدأت قبل عقدين ببذرة مؤسسات العمل الخيري.