آخر تحديث: 18 / 4 / 2024م - 1:06 ص

الإصلاحات الهيكلية الشاملة

جعفر الشايب * صحيفة اليوم

في محاضرة سابقة له - قبل 15 عاما - بمنتدى الثلاثاء الثقافي، تحدث الصديق والخبير الاقتصادي الدكتور إحسان بو حليقة عن قضايا تتعلق بالاقتصاد الوطني تحت عنوان «العامل الاجتماعي والاقتصادي كمدخل للإصلاح». أثارت المحاضرة حينها جدلا كبيرا حول أهمية الاصلاح الاقتصادي ودوره كمحرك أساس في شمولية الإصلاحات وتأثيره عليها، كما اعترض بعض الحضور على مدى جدوائية الإصلاح الاقتصادي والاجتماعي في ظل إغفال أو استبعاد بقية عناصر وجوانب الإصلاح.

المحاضر الواعي جدا ركز على ضرورة امتلاك أسباب القوة للفرد والمجتمع، وأشار إلى أهمية توظيف الوقت بصورة جدية، والعمل على إنجاز المتوقع، والإصرار عليه من خلال برامج إستراتيجية واضحة، ممثلا بالتطلع الإستراتيجي للدولة حتى عام 2020. وواصل في عرض رؤيته معتبرا أن البرنامج الإصلاحي لدفع النمو الاقتصادي ضرورة ملحة مرتكزا على جملة مبررات منها: تحريك النمو وفق تكاملية منسجمة في الإستراتيجيات والسياسات، تنفيذ الخطط التنموية تنفيذا دقيقا، أهمية الشفافية والمحاسبة في تنفيذ الخطط، مشيرا إلى أهمية إشراك المواطنين في عرض ومناقشة المشروعات المتعلقة بهم قبل وبعد إدراجها في الميزانية، حيث سيجعلهم مسئولين ومتابعين لما أنجز.

هذه الأوراق المهمة جديرة بالمطالعة والمراجعة في ظل التحولات الهيكلية الكبرى التي تمر بها بلادنا في هذه المرحلة، للتعرف على أصالة الرؤى الواعية التي كانت تنادي وتطالب بالإصلاح في مختلف أبعاده وجوانبه، وتؤكد على أهمية الشراكة بين القطاعات العامة والخاصة في دفع عملية الإصلاح والتقدم والتطور.

نحن نعيش الآن في خضم مرحلة تحول حقيقي في أبعاد ومجالات مختلفة، ومن الطبيعي أن تنعكس آثار هذه التحولات على الحياة العامة للمواطنين لحين الاستقرار والانتقال لمرحلة تكون أكثر انتظاما واستقرارا. الآثار الاقتصادية والاجتماعية للتحول بدأنا نلمسها في مظاهر وأشكال مختلفة، وبدأ المجتمع يتكيف بصورة أو بأخرى معها ومع متطلباتها.

لعل هذه الخطوات الإصلاحية الهيكلية غير مسبوقة من ناحية الكم والكيف في تاريخ المملكة، وبالتالي فمن المؤكد أن تأثيراتها وانعكاساتها ستأخذ مدى واسعا وأبعادا شاملة.

وعودة لمحاضرتنا السابقة، يقول المستشار الاقتصادي إن مدخل «المرحلة الصفرية» يجب أن يرتكز وينطلق من احتياجات المواطن وعلاقته بمجتمعه، انطلاقا من أن سياسات وإستراتيجيات الإصلاح يجب أن تتمحور حول الاهتمام بالفرد ورضاه. ويمكن تلخيص سياسات المرحلة الأساس بالتالي: كبح انتشار الفقر ومحاربة البطالة، تأهيل الموارد البشرية، المساواة بين المواطنين كافة في الحقوق والواجبات والفرص، توسيع مشاركة المرأة، تعميق مشاركة القطاع الخاص، تقنين مسئولية القطاع الخاص الاجتماعية، المراقبة الصارمة لتنفيذ برامج التنمية، وتعزيز الشفافية والمحاسبة.

بعد مرور 15 عاما على طرح هذه الرؤية، في ظني أن هذه الأسس بدأنا نلمسها على أرض الواقع ونتطلع إلى أن تتحقق جميعها كمبادئ تحكم العلاقة الاقتصادية والاجتماعية وتؤسس لتوجهات صائبة نحو التقدم والرقي في مجتمعنا، بل وتعالج اشكالات التشوهات الاقتصادية التي نعاني منها، وتضع حجر الأساس لإصلاحات هيكلية كبيرة وجذرية نتأمل أن تتحقق على جميع الأصعدة في المستقبل القريب.