آخر تحديث: 19 / 4 / 2024م - 12:12 م

بعد اكتساب المرأة حق القيادة.. تأتي المساواة في الأجر

الدكتور إحسان علي بوحليقة * صحيفة مال الالكترونية

شاهدت مقابلة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان مع البرنامج الشهير ”ستون دقيقة“ بعد فجر الأمس، أي بعد بثه ببضع ساعات. بعد المشاهدة، أخذت أتأمل فيما شاهدت وسمعت، مع رشفات قهوة الصباح أخذ يتبدى لي كيف تحولت النظرة للمرأة المواطنة من أنها عملياً ”مقعدة وقاصر“ إلى أن يُعول عليها لتشارك في قيادة الوطن وفي مجابهة تحدياته وتحقيق طموحاته وتطلعاته. لكني عدت ثانية وثالثة للدقيقة الثانية والعشرين من المقابلة لأشاهد ثانية وثالثة حديث سمو الأمير عن إطلاق مبادرة ”المساواة في الأجر“.

بالقطع ليس هناك من بوسعه المزايدة في الحرص على المرأة، فهي مكلفة شرعياً وحقوقياً، ومسئولة عن اختياراتها وتصرفاتها في الدنيا والأخرة. وعلى الرغم من أن الأسئلة حول المرأة كانت تتوالى كالرشقات، التي لطالما كنا إما نتفاداها أو ”نزحلقها“ أو نُجيب عليها ”التفافياً“، لكن أتت إجابات الأمير حول ملف المرأة واضحة ومباشرة بل ومبادرة بل وحتى بديهية. وبالقطع فإن هناك من قد يظن أن السماح للمرأة قيادة السيارة قضية لازمة، بل هي قضية متعدية، وتعني الكثير لتمكين المرأة من التنقل، والتنقل يعني إفساح مجالاً أكبر للمرأة التي ترغب في العمل والمشاركة الاجتماعية.

وفي ذات السياق، فإن تناول قضية التساوي في الأجر والرغبة في السعي لتحقيقه، أمر يكتسب أهمية مضاعفة إذا أخذنا في الاعتبار أنه يتقاطع مع أمرين مستهدفين ضمن ”الرؤية السعودية 2030“، وهما: خفض البطالة بين المواطنين والمواطنات مرحلياً، وزيادة المشاركة الاقتصادية للمرأة السعودية. ولعل من الواضح أن استهداف مساواة أجور النساء لأجور الرجال الذين يقومون بذات العمل، يعني حقيقةً زيادة أجور النساء، إذ أن متوسط أجر المرأة ينقص بنحو النصف، نعم نحو 50 بالمائة، عن أجر عملٍ نظير يقوم به الرجل. ولابد من الاستدراك بالقول، أنها ظاهرة عالمية؛ فقد بين تقريراً نشره خلال نوفمبر الماضي منتدى دافوس العالمي، ان متوسط أجر الرجل 21 ألف دولار، فيما متوسط أجر المرأة 12 ألفاً، أي 57 بالمائة من متوسط أجر الرجل.

وبدون شك، فإن إطلاق مبادرة ”المساواة في الأجر“ ستعني وضع المرأة السعودية العاملة على أعتاب مرحلة مختلفة نوعياً، وليس أقل من ذلك أن تلك المبادرة ستحدث قفزة في أجور النساء، بما يدفعهن للبحث عن العمل بقدر أكبر من الحماس وبجدية مستدامة، إذ أن الإحصاءات تقول إن نسبة عالية من النساء السعوديات يتركن العمل بعد أشهرٍ قليلة من البدء فيه. ومن ناحية أخرى، فهناك من يقول إن ضَعف راتب المرأة هو أحد الأسباب الجوهرية في عدم استمرار العديد منهن في العمل.

كاتب ومستشار اقتصادي، رئيس مركز جواثا الاستشاري لتطوير الأعمال، عضو سابق في مجلس الشورى