آخر تحديث: 28 / 3 / 2024م - 10:36 م

نص حوار محمد بن سلمان مع مجلة «ذا أتلانتيك» الأمريكية

جهات الإخبارية

أجرى الصحفي الأمريكي بمجلة «ذا أتلانتيك» الأمريكية «جيفري غولدبيرغ» حوارًا صحفيًا مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان هذا نصه:

من الجيد أن نسمع بعض الأشياء التي وعدت بتنفيذها في المملكة العربية السعودية، ولكن لا يزال الأمر في بدايته. إن السعودية دولة كبيرة ومعقدة ومن الصعب للغاية تغيير ثقافتها. هل يمكنك بدء الحوار بالتحدث عن الإسلام والدور الذي تعتقده ضروريًا لكي يلعبه في العالم؟

الإسلام هو دين السلام. الله، في الدين الإسلامي، منحنا واجبين: الأول هو الإيمان، وإتباع الأعمال الخيرة وليست السيئة. وإذا اخترنا الأعمال السيئة، سوف يحاسبنا الله على ذلك يوم القيامة. واجبنا الثاني كمسلمين هو نشر كلمة الله. ومنذ 1400 عام، حاول المسلمون نشر كلمة الله في منطقة الشرق الأوسط، وفي شمال أفريقيا، وفي أوروبا، ولم يُسمح لهم بذلك؛ لهذا قاتلوا لنشر كلمته. ولكنك ترى أيضًا في العديد من الدول في قارة آسيا - إندونيسيا، وماليزيا، والهند - حيث كان المسلمون ينشرون كلمة الله بحرية. وقد قال لهم الله في كتابه العزيز إن الناس أحرار في اختيار معتقداتهم. واليوم، في مثلث الشر..

مثلث الشر؟

نعم، سوف أشرح لك في دقيقة. في هذا المثلث، يحاولون الترويج لفكرة أن واجبنا كمسلمين هو إعادة تأسيس الخلافة وجوهرها، بالتأكيد على أن مجد الإسلام يكون ببناء إمبراطورية بالقوة. ولكن لم يأمرنا الله بذلك، والرسول محمد «صل الله عليه وسلم» لم يطلب أيضًا منا ذلك. أمرنا الله فقط بنشر كلمته، وتم إنجاز تلك المهمة. واليوم، لكل إنسان حق اختيار دينه ومعتقداته. في كل دولة مثلا، من المتاح أن تشتري كتب دينية، وبالتالي فإن الرسالة بُلغت. ليس علينا مطلقًا أن نقاتل من أجل نشر الدين الإسلامي. ولكنهم في مثلث الشر يريدون التلاعب بالمسلمين وإقناعهم بأن واجبهم وكرامتهم يتطلبان تأسيس إمبراطورية مسلمة.

بالنسبة للمثلث…

نجد في المثلث أولا النظام الإيراني الذي يريد نشر أيديولوجيته الشيعية المتطرفة. إنهم يعتقدون أنهم إذا نشروها، سوف يعود الإمام المختفي «الإمام الثاني عشر» ليحكم العالم بأكمله بدءًا من إيران إلى الولايات المتحدة الأمريكية. إنهم يقولون ذلك كل يوم منذ الثورة الإيرانية في العام 1979. وهذا في قانونهم ويثبتونه بأفعالهم.

الضلع الثاني للمثلث هو جماعة الإخوان المسلمين، وهى تنظيم آخر متطرف؛ فهم يريدون استخدام النظام الديموقراطي لحكم الدول وبناء خلافات ظل في كل مكان، وبعد ذلك يحولونها إلى إمبراطورية إسلامية حقيقية. أما الضلع الثالث، فهو الإرهابيون - القاعدة وداعش - الذين يريدون أن يفعلوا أي شئ بالقوة. وخرج قادة التنظيمين في البداية من جماعة الإخوان مثل «أسامه بن لادن»، و«أيمن الظواهري»، وزعيم «داعش». هذا واضح جدا. ويروج ذلك الضلع إلى فكرة أن الله والإسلام لم يأمروننا للترويج، فأفكار الإرهابيين تعارض تمامًا مبادئ الأمم المتحدة ومبدأ أن لكل دولة قوانينها التي تلبي احتياجاتها. والمملكة العربية السعودية، ومصر، والأردن، والبحرين، وعُمان، والكويت، والإمارات العربية المتحدة، واليمن يدافعون جميعهم عن فكرة ضرورة تركيز الدول المستقلة على مصالحها الخاصة بالتركيز على بناء علاقات جيدة على أساس مبادئ الأمم المتحدة. ومثلث الشر لا يريد ذلك.

أليس صحيحًا أن هذا حدث بعد العام 1979، بل وقبل العام 1979 أيضًا، حيث كانت الفصائل الأكثر محافظة في السعودية تأخذ أموال النفط وتستخدمها لتصدير نسخة متطرفة أكثر تعصباً للإسلام، وهي الإيديولوجية الوهابية، والتي قد تفهم على أنها نوع من الإيديولوجية المتماشية مع فكر الإخوان المسلمين؟

أولا وقبل أي شيء، هل تكرمت بتعريف هذه الوهابية لنا. فنحن لا نعرفها.

ماذا تقصد بأنك لا تعرف عنها؟

ما هي الوهابية؟

أنت ولي عهد المملكة العربية السعودية، وتعرف ما هي الوهابية.

لا يستطيع أحد تعريف هذه الوهابية.

إنها حركة أسسها ابن عبد الوهاب في العام 1700، وهي ذات طبيعة أصولية متطرفة، وهي نسخة متشددة للسلفية.

لا أحد يستطيع تعريف الوهابية. لا توجد وهابية. نحن لا نعتقد أن لدينا فكراً وهابياً. نعتقد أن لدينا في المملكة العربية السعودية سنة وشيعة. ونعتقد أن لدينا داخل الإسلام السني أربع مذاهب فكرية، ولدينا العلماء «المرجعيات الدينية» ومجلس فتاوى «والذي يصدر أحكامًا دينية». صحيح أنه في المملكة العربية السعودية من الواضح أن قوانيننا مستمدة من الإسلام والقرآن، لكننا لدينا أربع مذاهب - الحنبلي، والحنفي، والشافعي، والمالكي - وكلهم يختلفون حول تفسير القرآن.

لماذا تأسست الدولة السعودية الأولى؟ بعد النبي محمد والخلفاء الأربعة الأوائل، عاد الناس في شبه الجزيرة العربية لمحاربة بعضهم البعض كما فعلوا منذ آلاف السنين. لكن عائلتنا قبل 600 سنة، أسست مدينة من الصفر تسمى الدرعية، ومع هذه المدينة أقيمت الدولة السعودية الأولى، والتي أصبحت أقوى اقتصاد في شبه الجزيرة.

لقد ساعدنا في تغيير الواقع. وبينما كانت معظم المدن الأخرى تتحارب على التجارة واختطاف التجار، قالت عائلتنا للقبيلتين الأخريين «بدلاً من مهاجمة طرق التجارة، لماذا لا نوظفكما كحراس لهذه المنطقة؟» لذلك نمت التجارة، وتعاظمت المدينة. كانت تلك هي طريقتنا. وبعد ثلاثمائة سنة، مازالت تلك هي الطريقة. لقد كانت الفكرة دومًا هي أنك تحتاج إلى جميع العقول العظيمة في شبه الجزيرة العربية - الجنرالات، وزعماء القبائل والعلماء - الذين يعملون معك. وقد كان محمد بن عبد الوهاب واحداً من هؤلاء.

لكن مشروعنا يقوم على الناس وعلى المصالح الاقتصادية، وليس على المصالح الأيديولوجية التوسعية. صحيح أن لدينا الكثير من القواسم المشتركة، فنحن جميعاً مسلمون، وجميعنا يتحدث العربية، وكلنا لدينا نفس الثقافة ونفس الاهتمامات. عندما يتحدث الناس عن الوهابية، فهم لا يعرفون بالضبط ما الذي يتحدثون عنه. صحيح أن عائلة عبد الوهاب، أو عائلة الشيخ، مازالت معروفة اليوم، ولكن هناك عشرات الآلاف من العائلات المهمة في المملكة العربية السعودية اليوم.

كما أنك ستجد ممثلاً شيعياً في مجلس الوزراء، وستجد أعضاء شيعة في الحكومة، ناهيك عن أن أهم جامعة في السعودية يرأسها شيعي. ومن ثم، فإننا نعتقد بأننا مزيج من المذاهب والطوائف الإسلامية.

لكن ماذا عن تمويل المتطرفين؟

عندما تتحدث عن التمويل قبل العام 1979، فأنك تتحدث عن الحرب الباردة. لقد انتشرت الشيوعية في كل مكان مهددة الولايات المتحدة وأوروبا، وكذلك نحن. وتحولت مصر في ذلك الوقت إلى هذا النوع من النظام. لقد عملنا مع أي شخص كان بمقدورنا أن نستخدمه لمحاربة الشيوعية، بما في ذلك الإخوان المسلمين. ولقد قمنا بتمويلهم في المملكة العربية السعودية، كما مولتهم الولايات المتحدة الأمريكية.

هل كان هذا خطئاً؟

إذا عدنا في الوقت المناسب، سنفعل الشيء نفسه. سوف نستعين بهؤلاء الناس مرة أخرى. لأننا كنا نواجه خطرًا أكبر، وهو التخلص من الشيوعية. وفي وقت لاحق، كان علينا أن نرى كيف يمكننا التعامل مع الإخوان المسلمين. ولا تنسى أن أحد رؤساء الولايات المتحدة وصف هؤلاء الأشخاص بالمقاتلين من أجل الحرية.

لقد حاولنا التحكم وإدارة تحركاتهم. لكن بعد ذلك جاء العام 1979، الذي فجر كل شيء. فقد خلقت الثورة الإيرانية نظامًا قائمًا على أيديولوجية الشر الخالص. نظام لا يعمل من أجل الشعب، ولكنه يخدم أيديولوجية. وفي العالم السني، كان المتطرفون يحاولون استنساخ الشيء نفسه. وقد واجهنا هجوما استهدف مكة «المسجد الحرام». كانت هناك ثورة في إيران، وكانوا يحاولون نسخها في مكة. ولقد حاولنا الحفاظ على وحدة الصف لمنع كل شيء من الانهيار. واجهنا إرهاباً في المملكة العربية السعودية وفي مصر. وطالبنا باعتقال أسامة بن لادن في وقت مبكر جداً، نظراً لأنه لم يكن في المملكة العربية السعودية. ولقد عانينا كثيراً في محاربة الإرهاب، حتى وقعت أحداث الحادي عشر من سبتمبر. وهذه هي القصة برمتها.

لقد قضيت الكثير من الوقت في باكستان وأفغانستان في أواخر التسعينيات وأوائل العقد الأول من الألفية الجديدة، وكان من المفهوم بشكل عام أن المذاهب الدينية المتشددة تحصل على المال من المملكة العربية السعودية. ويبدو من خلال ما تقوله أن الأمور خرجت عن نطاق السيطرة - حكومتك وعائلتك لم تستطع التحكم في الإنفاق والدعم الإيديولوجي، وبالتالي ألحقت الضرر ليس فقط بكم وإنما بالأصدقاء والحلفاء أيضاً. إن مشروعك الكبير، إذا كنت أستوعب الأمر بشكل صحيح، هو محاولة لاحتواء بعض الأشياء التي أطلقتها بلدك.

لقد استخدمنا الإخوان المسلمين في الحرب الباردة، وكلانا فعل الشيء ذاته.

لا أقول إن الولايات المتحدة بريئة هنا.

هذا ما أرادت أمريكا منا القيام به. وكان لدينا ملك دفع حياته ثمنًا في مواجهة هؤلاء الناس، الملك فيصل، أحد أعظم ملوك السعودية. عندما يتعلق الأمر بتمويل الجماعات المتطرفة، أتحدى أي شخص ما إذا كان بإمكانه تقديم أي دليل على أن الحكومة السعودية مولت الجماعات الإرهابية. صحيح أن هناك أفرادا من السعودية مولوا جماعات إرهابية، إلا أن هذا ضد القانون السعودي، ولدينا الكثير من المعتقلين في السجون الآن، ليس فقط من أجل تمويل الجماعات الإرهابية، ولكن حتى من أجل دعمهم. أحد أسباب المشكلة مع قطر هو أننا لا نسمح لهم باستخدام النظام المالي بيننا لجمع الأموال من السعوديين وإعطائها للمنظمات المتطرفة.

هل تعتقد أنكم ستعودون أصدقاء لقطر مرة أخرى؟

يجب أن يحدث ذلك ذات يوم. ونأمل أن يتعلموا بسرعة. فهذا يعتمد عليهم.

أنت تتحدث بصراحة غير عادية عن إيران وأيديولوجيتها. بل أنك قارنت القائد الأعلى بهتلر. ما الذي يجعله مثل هتلر؟ علماً بأن هتلر هو أسوأ شيء يمكن أن تكونه.

أعتقد أن الزعيم الإيراني الأعلى يجعل هتلر يبدو جيداً.

حقاً؟

إن هتلر لم يفعل ما يحاول المرشد الأعلى القيام به. لقد حاول هتلر إخضاع أوروبا. هذا سيء.

نعم، سيئ جداً.

لكن المرشد الأعلى يحاول غزو العالم. فهو يعتقد أنه يملك العالم. كلاهما من الأشرار. إنه هتلر الشرق الأوسط. إلا أنه في عشرينيات وثلاثينيات القرن الماضي لم يعتبر أحد هتلر خطراً. فقط عدد قليل من الناس، حتى حدث ما حدث. لا نريد أن نرى ما حدث في أوروبا يتكرر في الشرق الأوسط. نريد وقف ذلك من خلال التحركات السياسية والاقتصادية والاستخبارية. نريد أن نتجنب الحرب.

هل المشكلة برأيك دينية؟

كما قلت لك، يعيش الشيعة بشكل طبيعي في المملكة العربية السعودية. ليس لدينا مشكلة مع الشيعة. لدينا مشكلة مع أيديولوجية النظام الإيراني. مشكلتنا هي أننا لا نعتقد أن لديهم الحق في التدخل بشؤوننا.

يسيطر على الفضول حيال دونالد ترامب وباراك أوباما في هذه المسألة. يبدو أنك تعتقد أن دونالد ترامب لديه فهم أفضل لهذه القضية مقارنة بباراك أوباما.

كلاهما فهم تلك القضية. أعتقد أن الرئيس أوباما كانت لديه تكتيكات مختلفة. فقد كان الرئيس أوباما يعتقد أنه إذا أعطى إيران فرصًا للانفتاح، ستتغير. لكن مع وجود نظام قائم على هذه الأيديولوجية، لن يحدث أي انفتاح، حيث إن الحرس الثوري يتحكم في 60٪ من الاقتصاد الإيراني. كما أن الفوائد الاقتصادية للاتفاق النووي الإيراني لم تعد إلى الشعب. لقد أخذوا 150 مليار دولار بعد الصفقة - هل يمكنك تسمية مشروع إسكان واحد بنوه بهذه الأموال؟ حديقة واحدة؟ منطقة صناعية واحدة؟ هل يمكنك أن تسمي لي الطريق السريع الذي بنته؟ إنني أنصحهم بأن يرونا طريقًا سريعًا واحداً بقيمة 150 مليار دولار. بالنسبة للمملكة العربية السعودية، هناك فرصة نسبتها 0,1٪ بأن تؤدي هذه الصفقة إلى تغيير تلك الدولة.

بالنسبة للرئيس أوباما كانت النسبة هي 50 بالمائة. ولكن حتى لو كانت هناك فرصة بنسبة 50٪ في نجاح تلك السياسة، إلا أننا لا نستطيع المخاطرة، نظراً لأن ال 50 في المائة الأخرى تعني الحرب. يجب علينا السعي لسيناريو لا توجد فيه حرب.

إننا نرد على هذه التحركات الإيرانية. ولقد فعلنا ذلك في أفريقيا وآسيا وماليزيا والسودان والعراق واليمن ولبنان. نعتقد أننا عبر الرد ستتحرك المشاكل إلى داخل إيران. ولا نعرف ما إذا كان النظام سينهار أم لا - فهذا ليس الهدف، ولكن إذا كانت الخسائر كبيرة، فإن هذه مشكلتهم. لدينا سيناريو حرب في الشرق الأوسط الآن. هذا الأمر خطير جدا على العالم. لا يمكننا تحمل المخاطر هنا. علينا اتخاذ قرارات مؤلمة خطيرة الآن لتجنب قرارات مؤلمة في وقت لاحق.

أنت تتحدث عن قرارات مؤلمة، هل تجعل الوضع في اليمن أسوأ من خلال العمليات العسكرية التي تتسبب في كوارث إنسانية؟ هناك الكثير من الانتقادات المبررة لعمليات القصف التي تنفذها هناك.

أولاً، علينا العودة إلى الأدلة والبيانات الحقيقية، فلم يبدأ اليمن في الانهيار عام 2015 عندما تدخّل السعوديون، بل في العام 2014، وذلك استنادًا إلى تقارير الأمم المتحدة، وليس تقاريرنا، لذلك فقد كان منهارًا لمدة عام كامل قبل بدء الحملة، فكان هناك انقلاب في عام 2015 ضد الحكومة الشرعية في اليمن، ومن الجانب الآخر، حاول تنظيم القاعدة استخدام هذه الخطوة لمصلحته الخاصة والترويج إلى أفكاره المتطرفة، وعندما ناضلنا للتخلص من المتطرفين في سوريا والعراق، بدأوا في خلق ملاذ لهم في اليمن.

وسيكون من الأصعب بكثير التخلص من المتطرفين في اليمن مقارنة بالعراق أو سوريا، حيث تركز حملتنا على مساعدة الحكومة الشرعية وتحقيق الاستقرار، بينما تحاول المملكة العربية السعودية مساعدة شعب اليمن، فأكبر مانح لليمن هو المملكة العربية السعودية، والأشخاص الذين يتلاعبون بهذه المساعدات في 10 % من اليمن غير الخاضعة لسيطرة الحكومة هم الحوثيون.

وما أريد قوله هنا، لتبسيط المسألة، هو أنه في بعض الأحيان في الشرق الأوسط لا يكون أمامك قرارات جيدة وقرارات سيئة، بل قرارات سيئة واخرى أسوأ، ولذلك يكون عليك اختيار الخيار السيئ، فنحن لا نريد القدوم إلى هنا لتُطرح علينا مثل هذه الأسئلة، بل نريد أن نُسأل عن الاقتصاد وشراكاتنا والاستثمار في أمريكا والسعودية، ولا نريد أن نقضي حياتنا في مناقشة اليمن، فهذه ليست مسألة اختيار، إنها مسألة أمن وحياة بالنسبة لنا.

هل تؤمن بمساواة المرأة؟

أنا أؤيد المملكة العربية السعودية، ونصف المملكة من النساء، لذا أنا أدعم النساء.

لكن ماذا عن المساواة ومعادلة المجتمع؟

في ديننا لا يوجد فرق بين الرجال والنساء، هناك واجبات على الرجال وعلى النساء، وهناك أشكال مختلفة من المساواة، ففي الحكومة السعودية تتقاضى النساء أجورًا مماثلة بالضبط للرجال، ولدينا لوائح يتم تطبيقها في القطاع الخاص، فنحن لا نريد التفرقة أو التمييز في المعاملة.

ولكن ماذا عن قوانين الوصاية؟ هل هذا شيء تريد تغييره للأبد؟ وأعتقد أن الجميع معجب بأنك سمحت للمرأة بقيادة السيارة، ولكن بالنسبة للعديد من الأمريكيين، فإن القضايا الرئيسية هي العوائق الهيكلية الحقيقية التي تعوق مساواة المرأة.

قبل عام 1979 كانت هناك عادات وصاية اجتماعية، ولكن لم تكن هناك قوانين وصاية في المملكة العربية السعودية، ولكن هذا لا يعود إلى زمن النبي محمد ﷺ، ففي الستينيات، لم تسافر النساء مع الأوصياء الذكور، ولكن هذا يحدث الآن، ونحن نريد التقدم والتوصل إلى طريقة لعلاج هذه المسألة دون الاضرار بالعائلات والثقافة.

هل ستتخلص من هذه القوانين؟

هناك الكثير من الأسر المحافظة في المملكة العربية السعودية، وهناك الكثير من العائلات المقسمة داخليًا، وبعض العائلات تحب أن تكون لها سلطة على أفرادها، وبعض النساء يرفضن سيطرة الرجال، وفي بعض العائلات يكون ذلك امرًا جيدًا، وهناك عائلات منفتحة تتيح للنساء والفتيات ما يريدونه، لذا إذا اجبت بنعم على هذا السؤال، فهذا يعني أنني أخلق مشاكل للعائلات التي لا تريد منح بناتها الحرية، والسعوديون لا يريدون أن يفقدوا هويتهم ولكننا نريد أن نصبح جزءًا من الثقافة العالمية، فنحن نريد دمج ثقافتنا مع الهوية العالمية.

السؤال القادم يتعلق بالقيم، أنت قادم من بلد مختلف تمامًا عن بلدنا، فبلدك يتميز بنظام ملكي مطلق، ولا يحق للأشخاص فيه التصويت، ويتم تنفيذ العقاب البدني وعقوبة الإعدام بطرق لا تعجب الكثير من الأمريكيين.

نحن لا نتشارك القيم، ولكنني أعتقد أيضًا أن الولايات المختلفة في الولايات المتحدة لا تشارك نفس القيم، فهناك اختلاف في القيم بين كاليفورنيا وتكساس، فكيف تريد منا مشاركة قيمك بنسبة 100٪ وولاياتك لا تتشارك تلك القيم؟ بالطبع هناك أساس من القيم التي يتفق عليها جميع البشر، ولكن هناك اختلافات، بين ولاية وأخرى، وبلد وآخر.

ماذا عن الملكية المطلقة؟

الملكية المطلقة ليست تهديدًا لأي بلد، فأنت تقول“ملكية مطلقة”وكأنه تهديد، وبدون الملكية المطلقة لما كان لديك الولايات المتحدة، فقد ساعد الملك المطلق في فرنسا على إنشاء الولايات المتحدة من خلال دعمها، والملكية المطلقة ليست عدوة للولايات المتحدة، إنها حليفها منذ وقت طويل جدًا.

هذه إجابة ذكية للغاية، ولكنها تتجنب الموضوع.

حسنًا، يعتمد كل بلد، وكل نظام على ما يعتقد الشعب أنه أكثر نجاحًا، والمملكة العربية السعودية هي شبكة من آلاف الممالك المطلقة، ولذلك تملك نظاما ملكيا مطلقا، حيث لدينا ممالك قبلية وممالك حضرية، والتحرك ضد هذا الهيكل من شأنه أن يخلق مشاكل كبيرة في المملكة العربية السعودية، فالنسيج السعودي أكثر تعقيدًا مما تعتقد، والواقع هو أن ملكنا لا يملك سلطة مطلقة، وتستند سلطته على القانون، فعندما يصدر مرسومًا ملكيًا، لا يستطيع أن يقول:“أنا الملك سلمان وأنا أقرر هذا”.

وإذا قرأت المراسيم، سترى أولاً قائمة القوانين التي تسمح للملك باتخاذ هذا القرار، وبالمناسبة، ملكة المملكة المتحدة تمتلك السلطة المطلقة فوق أي قانون، لكنها لا تستخدمها، لذلك الأمر معقد.

هل يمكن أن ترى نفسك تتجه نحو نظام ينتخب فيه الشعب ممثليه؟ فعندما تبدأ في السماح للأشخاص باختيار من يمثلهم، فهذا هو التغيير.

ما يمكنني فعله هو تشجيع سلطة القانون، حيث نود أن نشجع حرية التعبير بقدر ما نستطيع، طالما أننا لا نعطي فرصة للتطرف، ويمكننا تعزيز حقوق المرأة وتحسين الاقتصاد، وهذه نقطة توتر، ولكن يجب أن نفعل ذلك.

لقد أخبرني أحد الزائرين الأمريكيين بشيء مثير حقًا، قال إن الأميركيين لا يدركون الفرق بين الأمرين، فهناك الغاية، وهناك الوسيلة، والغاية هنا هي التنمية وتأمين الحقوق والحرية، ووسيلة تحقيق ذلك، من وجهة النظر الأمريكية، هي الديمقراطية، لكن الامر يختلف في المملكة لان نظامنا أكثر تعقيدًا.

دعونا نتحدث عن الشرق الأوسط بصورة أوسع، هل تعتقد أن الشعب اليهودي له الحق في إقامة دولة في جزء من موطن أجداده على الأقل؟

أعتقد أن كل شعب، في أي مكان، له الحق في العيش في بلده المسالم، وأعتقد أن الفلسطينيين والإسرائيليين لهم الحق في امتلاك أراضيهم الخاصة، ولكن يجب أن يكون هناك اتفاقية سلام لضمان الاستقرار للجميع ولإقامة علاقات طبيعية.

هل لديك اعتراض ديني على وجود إسرائيل؟

لدينا مخاوف دينية حول مصير المسجد الأقصى في القدس وحول حقوق الشعب الفلسطيني، وهذا ما لدينا، وليس لدينا أي اعتراض على أي شعب آخر.

أنتجت المملكة العربية السعودية الكثير من الدعاية المعادية للسامية، فهل تعتقد أن لديك مشكلة مع معاداة السامية في بلدك؟

بلدنا ليس لديه مشكلة مع اليهود، فنبينا محمد تزوج امرأة يهودية، لم يصادق منهم فقط بل تزوج، كما كان لنبينا جيران من اليهود، وستجد أن الكثير من اليهود في المملكة العربية السعودية قادمون من أمريكا وأوروبا، فلا توجد مشاكل بين المسيحيين والمسلمين واليهود بالمملكة، وما لدينا هو مشاكل موجودة في كل مكان في العالم بين بعض الناس، ولكنها من النوع العادي.

هل تعتقد أن إيران تقرب المملكة وإسرائيل؟ وهل يمكنك تخيل وضع يخلو من إيران تجد فيه المملكة وإسرائيل مصالحًا مشتركة؟

تمتلك إسرائيل اقتصادًا كبيرًا مقارنة بحجمها، وهي اقتصاد متنام، وبالطبع هناك الكثير من المصالح التي نتقاسمها مع إسرائيل، وإذا كان هناك سلام، سيكون هناك الكثير من المصالح بين إسرائيل ومجلس التعاون الخليجي ودول مثل مصر والأردن.

أشعر بالفضول بشأن شبابك، فهذه مهمة معقدة لشاب.

أعتقد أن البشر يستمرون في التعلم حتى الأيام الأخيرة من حياتهم، وأي شخص يدعي أنه يعرف كل شيء لا يعرف شيئًا، وما نحاول القيام به هو أن نتعلم بسرعة، وأن نفهم بسرعة، وأن نكون محاطين بالذكاء، وانا لا أعتقد أن شبابي مشكلة. أعتقد أن أفضل الابتكارات في العالم جاءت من الشباب، وتعد شركة آبل مثالًا جيدًا، حيث أسسها“ستيف جوبز”في أوائل العشرينات من عمره، كما لا يزال مؤسس فيسبوك شابًا، وأنا أعتقد أن جيلي يمكنه إضافة الكثير من الأشياء.

يمكن القول إن ستيف جوبز كان يتمتع بالحرية، فقد عاش في بلد يمكنه من فعل أي شيء، ولا أعتقد أن أحداً سيصف المملكة العربية السعودية بأنها مكان يمكنك فيه القيام بأي شيء من ناحية حقوق الإنسان والحرية.

 في المملكة العربية السعودية يمكنك القيام بكل ما تريد في الأعمال التجارية، فيمكنك تطوير أي نوع من العمل أو المشاريع التي ترغب في تطويرها، كما هناك معايير مختلفة لحرية التعبير، ففي المملكة لدينا 3 خطوط حمراء فقط، فأي شخص يمكنه كتابة ما يريد، وقول ما يريد، ولكن لا يجب أن يتجاوز هذه الخطوط الثلاثة التي وُضعت لمصلحة الناس وليس الحكومة، والخط الأول هو الإسلام، فلا يحق لأحد تشويه سمعة الإسلام.

الخط الثاني، في أمريكا يمكنك مهاجمة شخص ما وشركته أو وزير ما ووزارته، ولكن في المملكة من حقك مهاجمة وزارة أو شركة، ولكن ليس الأشخاص، وهذه هي الثقافة السعودية، فنحن نفضل ترك القضايا الشخصية خارج نطاق المناقشة.

العاهل السعودي يجري اتصالاً هاتفيًا بالرئيس الأمريكي

محمد بن سلمان يستعرض الفرص الاستثمارية مع «ماجيك ليب» بكاليفورنيا

أما الخط الثالث فهو الأمن القومي؛ نحن في منطقة لا تحدها المكسيك وكندا والمحيط الأطلسي والمحيط الهادئ، فنحن لدينا داعش وتنظيم القاعدة وحماس وحزب الله والنظام الإيراني، والقراصنة الذين يخطفون السفن، ولذلك فلا يمكننا المجازفة بأي شيء يمس الأمن القومي في المملكة العربية السعودية، فنحن لا نريد أن نرى ما يحدث في العراق يحدث في المملكة، ولكن بخلاف ذلك، يتمتع الناس بحرية فعل ما يريدون، وعلى سبيل المثال، لم نحظر تويتر أو الوصول إلى مواقع التواصل الاجتماعي الأخرى مثل فيسبوك، سناب شات، وغيرها من التطبيقات، فكلها متاحة لجميع السعوديين.

لدينا أعلى نسبة في العالم لاستخدام المواطنين لمواقع التواصل الاجتماعي، وبينما تحظر إيران وبعض البلدان الأخرى مواقع التواصل الاجتماعي، يتمتع السعوديون بحرية استخدام أي موقع تواصل حول العالم.

وختم غولدبيرغ، حديثه مع ولي العهد الشاب، قائلًا: لست متأكدًا تمامًا من أن تويتر مفيد لبناء الحضارات، لكن هذا أمر يجب تأجيله لمحادثة مستقبلية، شكرا جزيلًا لك.