آخر تحديث: 19 / 4 / 2024م - 5:35 م

ابتلاء.. اجتياز

محمد أحمد التاروتي *

فرحة اجتياز الامتحان، يصعب وصفها، في بضع كلمات، باعتبارها شعورا داخليا بالرضا والفخر، خصوصا وان الامتحان بمثابة تحدي يستدعي الاستعداد المناسب، للتعاطي معه بالصورة اللازمة، الامر الذي يفسر الحالة الهستيرية، التي تعتري البعض، بمجرد الشعور بتجاوز الاختبار، بحيث يفقده الشعور بشكل كامل، مما ينتج عنه الأقدام على اعمال، يصعب ممارستها في الاحوال العادية.

الابتلاء جزء وسيلة لاكتشاف معادن البشر، ومدى قدرتها على الحفاظ على التوازن، في الأوقات الصعبة، خصوصا وان الابتلاءات تختلف من شخص لآخر، فالبعض يتعامل مع هذه النوعية من الاختبارات بروح إيجابية، بينما ينظر البعض للابتلاء كنوع من النقمة، وبشكل سلبي للغاية، وبالتالي فان النظر للابتلاء تحدد النهاية لكل طرف، فالنظرة الايجابية تقود لايجاد الوسائل اللازمة، للاستفادة من الاختبارات، بما يعود بالفائدة والخير، فيما النظر السلبية تؤدي الى ”الكفر“ احيانا، وبالتالي الفشل في تجاوز الابتلاء.

الاختبارات التي تواجه المرء كثيرة ومختلف، اذ لا يكاد يمر يوم دون دخول الانسان، في معترك الامتحانات، الامر الذي يفسر اخفاق البعض، وتجاوز البعض الاخر، تبعا لمستوى الاستعداد المادي والنفسي، بحيث يتحول التعثر الى كارثة، وعقدة نفسية، لدى البعض، فيما تحفز الإخفاقات العديدة روح التحدي لدى البعض، لمواجهة الحياة بروح اكثر صلابة، مما ينعكس بصورة مباشرة على المسيرة الحياتية.

اجتياز الامتحان بحاجة الى مقدمات، وقدرة على مواجهة الأوقات الصعبة، فالصلابة مطلب أساسي للخروج باقل الخسائر، لاسيما وان الضعف لا يخدم في المواقف المصيرية، مما يستدعي التحلي بالتماسك قدر الإمكان، فالمرء الذي يتحلى بقدر كبير، من رباطة الجأش، يتمكن من التغلب على الظروف القاهرة، بمعنى اخر، فان الانسان يحدد مصيره ويرسم مستقبله، من خلال الاليات المعتمدة في الامتحانات الحياتية، فاذا استطاع الصمود، واستخدام الوسائل اللازمة، لمواجهة الصعاب، فانه سيخرج منتصرا من معارك الاختبارات على اختلافها، بينما سيبقى مهزوما، وغير قادر على مواجهة الامتحانات، بمجرد إظهار الضعف، وعدم القدرة على الصمود.

قدرات التحمل تختلف من شخص لآخر، فالبعض يمتلك القدرة على مواصلة التحدي حتى النهاية، والاصرار على النجاح، بغض النظر على التبعات المترتبة، على إظهار الصمود، مما يجعله في المقدمة على الدوام، بينما لا يمتلك البعض الاخر القدرة، على الصمود حتى النفس الاخير، حيث يرفع رأية الاستسلام في منتصف الطريق، مما يحول دون القدرة، على احتلال المواقع المتقدمة، في مضمار التحدي الحياتي، فيما الصنف الثالث لا يمتلك الشجاعة على التحدي، والدخول في الاختبارات، اذ يعمد للاستسلام منذ الجولة الاولى، الامر الذي يجعله في خانة الفشل على الدوام، فهذه النوعية من البشر منتشرة، بينما الصنف الاول من العملات النادرة، التي يشار اليها بالبنان، نظرا لما تمثله من قدرة، على تخطي مختلف التحديات، في سبيل تحقيق النجاح وعدم الالتفات للمخاطر المترتبة، على قبول الاختبارات الصعبة.

كاتب صحفي