آخر تحديث: 19 / 4 / 2024م - 7:41 م

الانا.. التعاون

محمد أحمد التاروتي *

سيطرة ثقافة إلانا، وتضخمها كثيرا، تعرقل العمل الجماعي، مما يكرس الانعزالية، ويعزز العمل الفردي، بحيث يؤسس لحالة من الانزواء الذاتي، الامر الذي يقود لإشاعة الثقافة المصلحية، على حساب العقل الجمعي، لاسيما وان ”الانا“ بما يحمل من مفردات سلبية، يسهم في احداث حالة من الشقاق والفرقة، سواء داخل المحيط الضيق، او الفضاء الواسع، وبالتالي فان التغاضي عن انتشار هذه الثقافة الانعزالية، تشكل خطورة على الإطار الفردي، فضلا عن التخبط في البيئة الاجتماعية، خصوصا وان تضخم ”الانا“ بشكل غير منضبط يترك اثارا سلبية.

ثقافة ”الانا“ مرتبطة احيانا بالغرور وامتلاك السلطة، ﴿قَالَ فِرْعَوْنُ مَا أُرِيكُمْ إِلا مَا أَرَى، فالمرء يحاول تعويض بعض المخاوف، عبر إظهار القدرة على رسم الطريق الواضحة امام الاخرين، من خلال استغلال بعض القدرات الشخصية، او السيطرة على بعض التلاعب في العقول البسيطة، مما يدفعه لانتهاج لإزاحة الاخرين، وبث الثقافة الفردية، بمعنى اخر، فان ”الانا“ ليست مرتبطة بالتحرك الإيجابي، ومحاولة وضع المجتمع على جادة الصواب، بقدر ما تتحرك باتجاه ابعاد الخطر، وإشاعة ثقافة قادرة على التمزيق، وتكريس الروح السلبية في المجتمع.

الفرد العنصر الاساس في تكريس ثقافة ”الانا“، مما يستدعي ترويضها بما يخدم المشروع الجمعي، ومحاولة تطويق كافة التحركات لتضخيم الذات، فالعمل المشترك يمثل احد الوسائل للقضاء بذرة ”الانا“، خصوصا وان الذات تذوب بشكل جزئي في المحيط الجمعي، مما يساعد على قمع هذه النوازع، قبل استفحالها، وظهورها بصورة وحشية، وبالتالي فان الفشل في السيطرة عليها يخلق كوارث كبرى على الصعيد الاجتماعي، بحيث تقود للدخول في معارك كارثية، قد تؤدي الى الضياع جراء تحكم ”الانا“ في جميع مفاصل الحياة.

البيئة الاجتماعية تمهد الطريق امام انتشار ثقافة ”الانا“، فالمجتمع التي يقاوم هذه النوعية من الثقافة، يشكل جدار منيعا في افشال جميع المخططات، الساعية لمسح الثقافة الجمعية، لاسيما وان العمل الفردي بحاجة الى بيئة خصبة لتقبّله، وبالتالي فان الوقوف بقوة امام التحركات الهادفة، لنشر العمل الانعزالية يقود الى بث روح التعاون، والتغلب على النوازع الذاتية التي تقودها بعض الاطراف، خصوصا وان المآرب الشخصية تشكل احد المحركات الاساسية، وراء إشاعة الثقافة السلبية في المجتمع.

اللعب على وتر العمل الجماعي، يشكل عاملا حاسما في مقاومة ثقافة الذات، خصوصا وان العمل الفردي يحمل معه الكثير من الاخطاء، مما يجعل عملية تصحيحها صعبة للغاية، نظرا لرفض ”الانا“ من تقبل النقد او ابداء الرأي، ﴿أنا ربكم الأعلى، وبالتالي فان التحرك الفردي يكون مصيره التوقف، وعدم القدرة على مواصلة الطريق حتى النهاية، جراء عدم وجود العوامل المساعدة على التزود بالطاقة، خصوصا وان الطاقة الفردية محدودة للغاية، بخلاف العمل الجماعي الذي يتصف بالتكاملية، والقدرة على تجاوز الاخطاء، نظرا لوجود قدرات عديدة قادرة على اكتشاف الهفوات، مما يؤدي الى تصحيح المسار الخاطئ، والقدرة على مواصلة الطريق حتى النهاية، من خلال التغلب على العراقيل التي تعترض الطريق.

كاتب صحفي