آخر تحديث: 19 / 4 / 2024م - 2:22 م

المسؤولية.. الامانة

محمد أحمد التاروتي *

يختلف التعاطي مع المسؤوليات العامة، باختلاف الثقافة، والمآرب الشخصية، فهناك أطراف تتعامل مع المناصب العامة، بمنطق الربح والخسارة، حيث تضع ”القلم والورقة“ منذ الْيَوْمَ الاول للجلوس على الكرسي، للتعرف على حجم المنافع التي حققتها، مما يدفعها لانتهاج سياسة تضخيم الجيب، وإفقار المجتمع، الامر الذي يفسر الثراء الفاحش والسريع الذي يظهر عليها في غضون فترة وجيزة، بينما تتخذ بعض الاطراف المسؤوليات العامة كواجب وطني، واجتماعي بالمقام الاول، مما يحفزها للعمل ليل - نهار في سبيل انجاز الاعمال على الارض، ومحاولة رصد الميزانيات للدقيقة لتوجيهها في الطريق السليم.

انعدام الروح المسؤولة في التعاطي مع الشأن العام، يشكل احد الأسباب وراءانتهاج سياسة، ”أنا ومن بعدي الطوفان“، حيث يسعى اصحاب هذه النوعية من الثقافة، لخلق جدار سميك مع المجتمع، طيلة فترة الجلوس على الكرسي، مما يولد حالة من الامتعاض والنفور، جراء حالات غياب الارادة الصادقة لترجمة الكثير من الوعود على ارض الواقع، خصوصا وان سيطرة ثقافة الاستحواذ على سلوك اصحاب المآرب الخاصة، للاستفادة من المسؤوليات العامة، تلعب دورا كبيرا في اتخاذ القرارات الخاطئة، والكارثية احيانا على الصعيد الاجتماعي، الامر الذي يظهر على شكل عمليات تهب واسعة النطاق، او مشاريع على الورق.

مصير هذه النوعية من العناصر التمتع بالمكاسب وهلة زمنية، بيد ان الامور تتكشف مع الزمن، الامر الذي يسهم في تعريتها بشكل كامل امام الجميع، جراء تصاعد رائحة التلاعب بالاموال العامة، وعدم الاهتمام بتطوير الخدمات العامة، بحيث تترجم على شكل السقوط المدوي، وفقدان النفوذ بشكل كامل، نظرا لتغليب المصالح الشخصية على المصلحة العامة، بمعنى اخر، فان الخداع يمكن ان ينطوي على المجتمع لفترة زمنية، ولكن كما يقال ”حبل الكذب قصير“.

الامانة تشكل الدرع الواقي، لحماية المسؤول من النوازع الشيطانية، فالشخص الأمين يحرص على اداء الامانة، وعدم التفريط فيها مطلقا، الامر الذي يفسر نجاح بعض الشخصيات في المناصب العامة، وسقوط العديد مع الاختبارات العملية، فالإغراءات التي تقدمها السلطة كبيرة، مما يدفع البعض للاستجابة لتلك المغريات، من خلال إساءة استخدام الصلاحيات بطريقة غير نظيفة، والسعى للتكسب غير المشروع بطرق ملتوية، فيما الشخص الأمين يقف بالمرصاد لجميع محاولات التجاوز على النظام، والحرص على تقديم النموذج النظيف، القادر على تحقيق المزيد من الانجازات على الارض، الامر الذي يسهم في عملية النهوض، والقضاء على الفساد بشتى أنواعه.

تكريس ثقافة الامانة في المجتمع، مرتبطة بامتلاك الاحساس بالمسؤولية، فالمجتمع الحي يترجم الرقابة على المناصب العامة، بمختلف الأشكال، مما يعرقل الكثير من المحاولات الساعية للتلاعب بالمال العام، فالمسؤول الذي يشعر بوجود عيون ترقبه على الدوام، يحرص على السير بحذر، واحيانا كثيرة يقوم بالاعمال، التي تحدث انطباعا إيجابيا لدى الاخرين، الامر الذي يسهم في عملية تقويم السلوك غير المنضبط، لدى بعض اصحاب المصالح الخاصة، نظرا لوجود أطراف قادر على القراءة بين السطور

كاتب صحفي