آخر تحديث: 29 / 3 / 2024م - 4:57 ص

النظام.. التخريب

محمد أحمد التاروتي *

يتخذ البعض النظام كوسيلة للتخريب والدمار، فتارة يكون العبث في النظام الاجتماعي واخرى تظهر في افساد النفوس واحداث التفرقة في الجسد الواحد، فالبعض يتوارى خلف السلطات والصلاحيات الممنوحة، لممارسة المزيد من الخراب والتدمير، خصوصا وان النفوذ يترك مساحة واسعة للتحرك دون قريب او حسيب احيانا، مما يدفعه لاستغلال تلك الصلاحيات، لهدم الثوابت الاجتماعية وخرق النظام العام، فهذه النوعية من البشر تحاول تسخير الامكانيات، فيما يعود على المجتمع بالخراب، والفساد في الوقت نفسه.

التخريب يبدأ من البواعث الذاتية، وينطلق على شكل قرارات، او ممارسات عبثية، وغير متوازنة احيانا، الامر الذي يحدث خللا واضحا في التفكير الجمعي، بحيث تؤدي الى احداث شرخ كبير في الجدار الاجتماعي، جراء تباعد المصالح المحركة لاهداف المخرب عن البيئة الاجتماعية، بمعنى اخر، فان بناء نظام قادر على ايقاف محاولات العبث والتخريب، مرتبط بوجود ثقافة اجتماعية تقدس الالتزام بالنظام، لاسيما وان الالتفاف على الانظمة يمثل بداية التحول باتجاه التخريب، وتغليب المصالح الشخصية، خصوصا وان النظام يهدف الى تكريس المصلحة العامة على المصالح الذاتية، وبالتالي فان التحرك الفردي باتجاه التلاعب بالنظام، يحدث ارباكا في البيئة الاجتماعية.

عملية التخريب تظهر احيانا بشكل سريع، فيما الاثار المترتبة على العبث، تتكشف تدريجيا احيانا، فالاختلاف مرتبط بالظرف الزماني والمكاني للاعمال التخريبية، بمعنى اخر، فان القدرة على اختراق النظام مرتبطة بمدى الصلاحية الممنوحة، فاذا كانت واسعة وغير مؤطرة بحدود معينة، فان الاثار المترتبة تكون كارثية، ومدمرة على المدى القريب، مما يجعل عملية احتواءها غاية في الصعوبة، لاسيما وان التخريب يطال جميع مناحي الحياة الاجتماعية، ولا يقتصر على جانب دون اخر، بينما تكون تداعيات التخريب محدودة؟ ولكنها مؤلمة على المدى البعيد، عندما تكون الصلاحيات الممنوحة محدودة، الامر الذي يدفع لمحاولة ايجاد الثغرات القادرة على اختراق النظام، وبالتالي فان العملية مرتبطة بالقدرة على الاستغلال، غير المنضبط لنصوص النظام، في احداث التخريب في البيئة الاجتماعية.

النظام القادر على سد الثغرات، بالاضافة الى حماية المجتمع من الاستغلال السيء، فضلا عن وجود الرقابة الاجتماعية المسؤولة، عوامل اساسية في وضع الامور في النصاب الصحيح، خصوصا وان التخريب يتحرك لتدمير البيئة الاجتماعية، واشاعة الثقافة اللا مسؤولية، انطلاقا من قاعدة ”الباب اللي يجي منه الريح سده واستريح“، وبالتالي فان القضاء على ثقافة التخريب في المجتمع، مرتبطة بتنامي المصالح العامة على المآرب الذاتية، فهناك علاقة طردية بين الطرفين، فكلما تراجعت المصالح العامة لكما زادت المصلحة الشخصية، بينما تطفو المصالح العامة على السطح بمجرد اختفاء المصالح الذاتية، مما يستدعي وضع ثقافة قادرة على زيادة الوعي بالمجتمع، للوقوف امام الرغبات المحرضة على التخريب في المجتمع.

عملية القضاء على التخريب المرتبط باستغلال الصلاحيات؟ والنفوذ تبدو صعبة للغاية، خصوصا وان الطبيعية البشرية تدفع باتجاه الاستفادة من من النفوذ، بشكل غير قانوني، بيد ان عملية ضبط عمليات التخريب، ومحاولة التضييق عليها، ليست مستحيلة على الاطلاق، فالمجتمع بما يمتلك من ادوات عديدة، قادر على ممارسة الضغوط لتفويت الفرصة، على جميع الممارسات التخريبية، وبالتالي فان المخرب يضع في الاعتبار ردود الافعال، قبل الاقدام على افعال غير قانونية، الامر الذي ينعكس بصورة ايجابية، من خلال قطع الطريق امام مختلف اشكال، تقسيم التماسك الاجتماعي.

كاتب صحفي