آخر تحديث: 16 / 4 / 2024م - 4:10 م

التجهيل.. النفوذ

محمد أحمد التاروتي *

يحرص اصحاب النفوذ على ابقاء الجهل وقطع كل وسيلة لإزالة الغشاوة عن العيون، فامتلاك الوعي يزلزل أركان اصحاب النفوذ، ويمهد الطريق امام صعود شخصيات اخرى، فضلا عن انهاء عمليات الاستيلاء على المقدرات الاجتماعية، الامر الذي يفسر محاربة اصحاب المصالح لحملة العلم على الدوام، نظرا للخطورة التي يمثلها العلم، في رفع مستوى الوعي، لدى مختلف الشرائح الاجتماعية، ”وَعَجِبُوا أَن جَاءَهُم مُّنذِرٌ مِّنْهُمْ ? وَقَالَ الْكَافِرُونَ هَ?ذَا سَاحِرٌ كَذَّابٌ“.

عملية محاربة العلم تختلف باختلاف الخطورة التي يمثلها، بالاضافة لمدى مقاومة جميع الإغراءات وشراء الضمائر، بمعنى اخر، فان اصحاب النفوذ يتحركون وفقا للمعطيات على الارض، فهناك بعض الدعوات لا تستدعي الالتفات، نظرا لعدم وجود خطورة حقيقية، فيما تبدأ الخطورة تتكشف في بعض الدعوات منذ اللحظات الاولى، الامر الذي يدفع لرسم خطط مضادة للقضاء عليها، والحيلولة دون اتساع رقعتها، الامر الذي يمهد الطريق امام التصادم بين الطرفين، نظرا لتباعد المصالح، وعدم القدرة على الالتقاء عن نقاط مشتركة.

اصحاب النفوذ يتحركون في الغالب، على اكثر من جبهة، حيث تتوزع على الجبهات الداخلية والخارجية، بحيث ترسم لكل جبهة خطاب مناسب، من اجل سحب البساط من تحت اقدام حملة العلم، لاسيما وان حتمية الصدام بين الطرفين، تفرض استخدام الوسائل المتاحة لتحقيق الانتصار، وعدم اتاحة الفرصة لحملة العلم للفوز في معركة الوعي، الامر الذي يلاحظ في جميع مراحل الصراع القائم، بيد ان جولات الصراع يتخللها، بعض فترات الهدنة غير المعلنة.

بالنسبة للجبهة الداخلية، فان التجهيل يكون السلاح الاكثر فاعلية، خصوصا وان الوعي يمثل الشعلة التي تضيء طريق المجتمع لرفع الضيم، وازاحة اصحاب النفوذ من المواقع، وبالتالي القضاء على حقبة طويلة، من التحكم في مصائر المجتمع، حيث تتعدد عمليات التجهيل وفقا للإمكانيات، والحقب الزمنية، لاسيما وان الظروف الاجتماعية تلعب دورا أساسيا، في تحديد الوسيلة المناسبة، لكسب التأييد الشعبي، بمعنى اخر، فان احداث فجوة شاسعة بين القاعدة الجماهيرية والعلماء، مرتبط بالحملات التضليلية، التي يمارسها اصحاب النفوذ الاجتماعي، الامر الذي يولد قناعات لدى المجتمع، بضرورة الابتعاد عن مواطن الخطر، مما ينعكس على صورة بقاء العلماء، بعيدا عن القاعدة الشعبية، وبالتالي عدم القدرة على مواصلة، مشوار رفع الوعي، مما يعني مزيد من تثبيت أركان اصحاب النفوذ الاجتماعي.

بينما يكون الخطاب مختلفا تماما على الجبهة الخارجية، خصوصا وان السيطرة على الاعلام الخارجي، من الصعوبة بمكان، الامر الذي يستدعي التحالف من الجهات الاكثر تأثيرا، من اجل محاصرة العلماء، وقطع الطريق امام محاولة الاستفادة من الاعلام الخارجي، خصوصا وان الحصول على التعاطف العالمي، يشكل ضغطا كبيرا، الامر الذي يتطلب التحرك الجاد، لمحاصرة مختلف انواع، نقل المعركة الى الخارج، بيد ان النجاح في كسب التعاطف العالمي، مرتبط باختيار الخطاب المنافس، لاسيما وان الخطاب الخارجي يختلف عن الخطاب الداخلي، الامر الذي يفسر نجاح بعض اصحاب النفوذ الاجتماعي في حالات، والفشل في معارك الاخرى، نظرا لعدم القدرة على إقناع الرأي العام العالمي من جانب، وقدرة العلماء في اختراق الحصار المفروض، والوصول الى العالم من جانب اخر.

كاتب صحفي