آخر تحديث: 19 / 4 / 2024م - 7:41 م

قارئ عميق.. كاتب مذعور

الدكتورة زينب إبراهيم الخضيري * جريدة الرياض


لا شك أن ثمة علاقة خفية، مميزة وغامضة تتشكل حروفها بين الكاتب والقارئ في حركة متواترة تشتد حيناً وتفتر حيناً آخر، وفق استغراق الكاتب في الكتابة واستحواذ النص على القارئ، ففي اللحظة التي يحاول فيها الكاتب فرض هيمنته من خلال نصوصه سيواجه صعوبات عدة تتعلق بقبول القارئ ووعيه ومشاركته للنص.

فكل كاتب له طريقته في الكتابة، وله منهجه في استشعارها، وبالنسبة لي أعتبر الكتابة حالة اتحاد مع الكون، يحصل تناغم وتوطيد للصفاء، وتآلف مع الفكرة والغرق في المتناهي واللامتناهي، ولا يمنع أن الكتابة قد تكون لإثارة الضحك، أو الحزن، للتنوير أو التجهيل، التعاطف أو التخلي، والنتيجة تكون مذهلة، فالقارئ العميق يلمس كل أحاسيس ومشاعر الكاتب، ويحلل ما يكتب ويصدر أحكاماً أيضاً على الكاتب، لذلك هي فكرة مرعبة أن تحس أنك تحت تأمل القارئ، يصيبني الذعر كلما راودتني هذه الصورة، أحاول أن أستجمع أفكاري وتركيزي وأسأل نفسي من هو القارئ؟ وما معنى أن يقرأ لك شخص بعيد قد يكون في آخر العالم؟ ما معنى أن نكتب مشاعر الآخرين بكل شفافية؟ وما معنى أن أكتب وأنا مذعورة؟

أتعجب من تلك المشاعر التي تنتابني كلما هممت بالكتابة، يحضر القارئ أمامي بكل أسلحته ويراقبني وأنا أبني عوالمي ونصوصي، وخوفي يتعمق كلما استشعرت عمق القارئ، وهل فعلاً نصوصي سترتقي لتوقعاته وذائقته؟

هذه المخاوف هي ترمومتر للكاتب ليحتفظ بصدقه ودهشته، ولتكون حافزاً له ليتطور ويتجدد، وهذا يجعله غير مكرر، وروتينياً، فلا تصبح الكتابة عادة يومية يمارسها بل تصبح قيمة فكرية يشحذها من أجل رضا القارئ.

فإذا لم يخف الكاتب من التكرار، والتعصب لرأي واحد، وتنميط الذات، وغياب الخيال وصعوبة العثور على الفكرة قد يجعله يصاب بترهل فكري وشيخوخة في الكتابة، وتنعدم محفزات الإبداع لديه، ويصبح رهين الرتابة مما يسبب هروباً للقارئ وعدم التفاعل معه.

ولكن فكرة الخوف قد تصنع منك كاتباً رائعاً، وكما يقول نيتشه: «عش في خطر»، هذه الفكرة تجعلك متحفزاً دائماً متيقظاً ونبيهاً للتفاصيل الصغيرة التي قد تحدث فرقاً فيما تكتب، فنحن نحتاج أن نجود الكتابة، وليس الخوف منها فقط هو ما يجودها، فلكل كاتب أسراره وأدواته في الكتابة، وليس هناك وصفات جاهزة لكيفية الكتابة الجيدة، فالكتابة مثل السراب كلما قلت وصلت لها ابتعدت عنك، فلا تستطيع الوصول إليها ولكن تستطيع الإشارة إليها.

التعقيبات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
التعليقات 1
1
sarmad
[ القطيف ]: 28 / 9 / 2018م - 8:21 ص
ن والقلم ومايسطرون # صدق الله العلي العظيم .
نعم لاشك ولاريب أن للقلم صريرا يدك الجبال دكا وسحرا وموسيقى نافذة تشع في قلب الكاتب قبل القارء حين يوظف بالشكل الصحيح لا افراط ولا تفريط .
لم يكن الخوف والقلق والتردد وتشتت الاهداف وما الى ذلك من امور مؤثرة على ذات الانسان مصدرا للنجاح وبلوغ الآمال والأمنيات .
ليس مهما كم مقالة سأكتب .. ولكن الأهم كيف سأكتب .
الكاتب الجيد والواعي الفطن هوا من يختار المادة التي سيكتب عنها ويحيط بها علما ودراية كافيه بحيث تأهله للكتابة عنها .
هناك أمور كثيرة تغيب عن الكاتب !
واللذي هوا في الأساس القارئ !
القارئ الحاذق يعي جيدا لكلمات ومفردات الكاتب سواء في اقتناصة المفردات والجمل أو لا بدون تصنع تصل الفكره !
أليس هوا الكاتب ! ولهذا قيل أن مايخرج من القلب مكانه القلب ؟
قد لايشعر أي قارئ حين قرائته لمقال ما أن صاحب وكاتب المقال قد احترق من حسه واحساسه وجهده وذهنه ووقته الشيئ الكثير ليضيئ بكلماته طرقا معبدة للآخرين .

كان معلمي الأول # ينصحني أنظر يابني الى اصابعك الممسكة بالقلم ليس فيهم مايتفق مع الاخر .. فحين تريد الكتابة فانظر لاصابعك فهؤلاء قرائك . انتهى

وأما أستاذي ومؤدبي # فكانت نصائحه يابني اعلم أن الشجرة مهما كبرت وتفرعت وارتفعت نحو السماء ... لابد ان يأتي عليها يوما من الايام وتجف عروقها وتيبس اغصانها وتموت !
ولربما تظل شاهقه واقفة تحاكي السماء طولا وعرضا رغم سلب الحياة منها طبيعيا .
فكن شجرة يابسة ! واجعل قلمك الاغصان التي يحتطب منها القريب والبعيد كل ما احتاج ان يوقد نارا لحاجته .. اقتطع منها فسألني يابني كم شجرة ستزرع ؟
فأجبته أليس في الشجرة ثمر ؟ يستفاد منه قبل جفاف الشجرة وتحطيبها واشعال النيران بها ؟ ولما يامعلمي تتخذ الحرارة عنوانك الختامي ؟

فردد قائلا متبسما .......

لن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تدخل في ملتهم .

شكر لا يسعه شكر لك عزيزي القارئ حين ترجلت عن جوادك وقرأت هذه الكلمات .

خلاصة الفكرة ... النقد الهادف بناء

كاتب آخر يرى أن طرق الكتابة لها قواعد ونهج لابد ان يراعى حين كتابة المادة .
سأجيبه نعم درستها كان استاذي يذكرني انظر لاصابعك دائما .

وهناك قارئ آخر .. ؟؟؟؟؟
مؤلف لاصول علم المنطق ( المنقط ) .
المرقط #
مع احترامي للاخت ان زل القلم بغير قصد في معنى يفهم منه شيئ آخر .

وكان الهدف من الكتابة هوا تحفيز الطرف الآخر على الكتابة والابحار بالقارئ جوا وبحرا دون أن يمل أو يكل .
بالاضافة الى أن الردود نحن نعلم يجب أن تكون ذات طابع مغاير لكي يحق ويصدق عليه القول خير الكلام ماقل ودل .

ألم أقل منذ البداية أني أنظر في أصابعي
حتى تجف الشجرة .


أخوكم / sarmad almashhad