آخر تحديث: 19 / 4 / 2024م - 5:35 م

عاشوريات «10»

محمد أحمد التاروتي *

ارض كربلاء..

عام 61 هجري..

للتاريخ حكاية اخرى..

قصة دامية ليست كغيرها..

اشلاء متناثرة في البيداء..

دماء تغطي رمال الطف..

دخان يتصاعد من الخيام..

طفل رضيع مذبوح في حجر والده..

أطفال عطاشى سقطوا موتى..

أطفال تتراكضون لا يلوون على شيء..

نساء ثكالى وسط مجموعة اوباش لا تعرف الرحمة..

سيوف موزعة في صحراء الطف..

رماح مضرجة بالدماء..

سهام ناشبة في الاجساد..

نهر عز بقطرات على سيد الشهداء واهل بيته واصحابه..

عمليات سلب ممنهجة لعيال ابي الاحرار..

صراخ أطفال مروعة من هول المصاب..

سماء سجلت خطب الامام الحسين لمنع الكارثة الفظيعة..

جيش على قلب رجل واحد «جيش الحسين»..

معكسر على قلوب شتى تحركها النوازع والاهواء «معكسر ابن سعد»..

معركة لم تتجاوز مدتها يوم.. بقيت تسطر الملاحم حتى يوم القيامة..

صور مؤلمة ستبقى شاهدة على ضياع القيم لدى بشر تتحرك باتجاه استباحة الدماء على حساب اهل الحق..

فقدان الرجولة لدى الجيش الأموي.. عبر التعرض الجسدي للأطفال..

ابطال لنصرة الحق ضد جيش الضلال..

فاجعة سجلت أفظع الجرائم ضد الانسانية..

قبائل عربية تدعي الاسلام لم تعرف منه سوى اسمه..

جيش يتكلم بلسان العرب باع الاعراف العربية بدراهم معدودات..

قائد عسكري تخلى عن صلة القرابة.. طمعا في منصب ووعود بإمارة الري..

مجموعة بشر تسير خلف الاطماع الدنيوية.. زحفت في عاشوراء بالآلاف للوقوف في وجه صفوة مؤمنة.. لا يتجاوز عددها المئات..

في العاشر من محرم اصطبغت صفحات التاريخ بالدماء.. هل يتصور عاقل اقدام بشر على قتل أبناء الرسالة..

الأدهى ان الجيش الأموي يدعى الاسلام زورا وبهتانا..

مجموعة وحوش كاسرة لم تعرف الرحمة في قلوبها..

في عاشوراء ارتكب الجيش الأموي فاجعة كبرى.. لن تتكرر على الاطلاق «لا يوم كيومك يا ابا عبد الله».. حيث استخدم فيها مختلف الأسلحة حتى العصي والحجارة..

ضاعت النبل والاعراف المتعارفة في الحروب بمعركة كربلاء.. فلا قطع المياه عن المعسكر الاخر من اخلاقيات الحروب، ولا قتل الاطفال من الرجولة في شيء.. انها حكاية ليست كغيرها من قصص الحروب المتكافئة..

صورتان متناقضان.. احدها جسدها سيد الشهداء بقوله لجواده.. حينما اقحم الفرس ليشرب الماء من نهر الفرات «انت عطشان وانا عطشان فو الله لا اشرب حتى تشرب» والصورة المقابلة لإحد جنود معسكر ابن زياد «لا تشرب حتى ترد الحماية».. الصورتان تكشفان التفاوت في الاخلاق..

قسوة القلب وطمع الدنيا وقف حائلا في ولوج نور الحق في قلوب الآلاف الزاحفة باتجاه محاربة سِبْط رسول.

عاشوراء باختصار تراجيديا سوداء.. بسواد الدخان الذي تصاعد من الخيام المحترقة..

بصمة العار التي تركها الجيش الأموي.. في ضرب الاعراف العربية عرض الحائط.. ستبقى تلك البصمة تسود صفحات التاريخ.. بالرغم من محاولات البعض تبيضها بمبررات غير منطقية..

متى صار سيد شباب اهل الجنة خارجا على الامام.. التي ارتضت به الامة «يزيد».. وكيف تجرأ هؤلاء على تبرير جريمة نكراء.. اهتزت لها السموات والارض.

هل وصل الحقد لدرجة اخراج سيد شباب اهل من ربقة الاسلام.. حتى تبيض صفحة حاكم لا يوجد سبيل الى تبيضها، فهل تغطى الشمس بغربال.

رسالة كربلاء ستبقى تقاوم أصوات أعداء الانسانية.. وفاقدي القيم.. ومناصري الظلم.. واصحاب التطفيف..

مصير الاصوات المقاومة لصوت العدالة مزبلة التاريخ.. كما لفظ الزمن الاصوات السابقة.. ودفن جميع السيوف التي شاركت.. في ارتكاب المذبحة الجماعية في الغاضرية..

إرادة السماء تنتصر على الاهواء الشيطانية مهما طال الزمن..

جسدت فاجعة الطف أسمى مصاديق انتصار الحق، والدم على منطق القوة، والحرية على الاستبداد والقهر.. اين ابن زياد بالرغم من جبروت القوة.. فيما الامام الحسين في قلب كل عاشق الحرية ومقاوم للظلم..

كربلاء.. رسالة.. صوت الحق.. المبادئ الاسلامية.. ضمير كل انسان..

الحسين يتجاوز الكلمات القليلة.. التي سطرت في تخليد معركة الطفوف «ان الحسين بن علي في السماء اكبر منه في الارض»

كاتب صحفي