آخر تحديث: 29 / 3 / 2024م - 11:37 ص

الشطارة.. الاستغلال

محمد أحمد التاروتي *

هناك بون شاسع بين الشطارة والاستغلال، فالاولى تنم عن قدرة غير طبيعية في استثمار الفرص، من اجل الحصول على مكاسب، وتحقيق اكبر قدر من الفائدة، ”فاز باللذات من كان جسورا“، بينما الثانية تنطلق من التلاعب بالمشاعر الصادقة، للحصول على مغانم بطريقة غير شرعية وملتوية، وبالتالي فان محاولات ايجاد علاقة ”غير شرعية“ بين الشطارة والاستغلال، ليس صحيحا على الاطلاق، نظرا لاختلاف المفاهيم والمصاديق العملية لكل مفردة على حدا.

الشطارة عملية تكون فطرية في بعض الاحيان، ومكتسبة في احيان اخرى، فهناك اشخاص يمتلكون القدرة على تحويل، ”التراب“ الى ”ذهب“ بشكل استثنائي، الامر الذي ينعكس بصورة واضحة على الانطلاق الصاروخي، في مختلف المجالات التي ينخرط فيها، اذ يمتاز هؤلاء بمزايا مغايرة تماما على الاقران، وبالتالي فان محاولات اللحاق بهذه العناصر تكون صعبة، نظرا للقدرة على قطع المسافات الطويلة، خلال فترة زمنية قصيرة، بمعنى اخر، فان السعى لتعطيل حركة العناصر الشاطرة، بحاجة الى قدرات فائقة، وامكانيات ليست متاحة للجميع، خصوصا وان طريقة قراءة تفكير هذه الفئة ليست سهلة على الاطلاق، مما يحول دون عرقلة، او افشال مشاريع الشطار في الغالب.

اللحاق بركب الشطار، يتطلب امكانيات ذاتية بالدرجة الاولى، وكذلك قدرة على وضع الامور، في النصاب الصحيح، فهناك الكثير من العناصر تحاول ركب سفينة الشطار، بيد ان التذكرة تكون باهضة الثمن، وبحاجة الى عمل دؤوب، وجاد في سبيل تأمين قيمة المقعد في تلك السفينة، بينما توجد عناصر قادرة، على القفز في السفينة، بسهولة فائقة، واحيانا مجانا، فالاختلاف يكمن في القدرة على قراءة خطوط سير السفينة، والوقوف في المحطات المناسبة للقفز، بمعنى اخر، فان الرغبة في الاستفادة من الفرص، لتحقيق المكاسب ليس عنصرا كافيا، بقدر ما يمثل البداية نحو اكتساب هذه المهارة في السلوكيات الحياتية، وبالتالي فان العملية تتطلب الكثير من الجهود والعمل الدائم، لمواصلة مشوار النجاح، وتحويل انصاف الافكار، الى مشاريع تدر الارباح.

بخلاف الاستغلال الذي ينطلق من عناصر مريضة، فهي تحاول استغلال العلاقات الخاصة، في سبيل الوصول الى المآرب الشخصية، نظرا لافتقارها للقدرة على الابداع، والبروز بشكل طبيعي، مما يدفعها لانتهاج طريق ملتوية، وغير شريفة، للتسلق على اكتاف الاخرين، وبالتالي فان هذه النوعية من البشر ليست قادرة، على التنفس بدون الاستعانة برئة الاخرين، نظرا لوجود مشاكل في القدرة على التفكير الابداعي، مما يجعل عملية النجاح صعبة، واحيانا مستحيلة، بمعنى اخر، فان الاستغلال ظاهرة غير صحية، يمارسها فاقدو الضمائر الحية، خصوصا وان استغلال النوايا الصادقة والطيبة، يخالف المرؤة والقيم الانسانية.

الاستغلال يتناقض بشكل كبير مع الرجولة تماما، فالعناصر الذي تمارس هذه السلوكيات، تنطلق من قناعات اخلاقية غير سوية، نظرا لانعدام صوت الضمير الحي، مما يقود للانغماس بصورة بشعة، وغير متوقعة، في ممارسات اجرامية بحق المجتمع، فهذه النوعية من الاعمال تسهم في احداث انقسام، وتفكيك في العلاقات الاجتماعية، فالاستغلال يرفع مستوى التوجس، والخشية، لدى العديد من الشرائح الاجتماعية، جراء التخوف من الوقوع في حبائل الاستغلال، من قبل بعض الاشخاص، مما ينعكس على نوع، من الفتور في العلاقات الاجتماعية.

كاتب صحفي