آخر تحديث: 18 / 4 / 2024م - 9:00 م

صناعة الازمات

محمد أحمد التاروتي *

يمارس البعض لعبة اشتعال الازمات الاجتماعية، اذ يحرص على اشغال المجتمع بمختلف الازمات، فهو لا يفرق بين الازمات الجوهرية او الهامشية، بمعنى اخر، فان هذه الشريحة الاجتماعية قادرة على اختيار الاوقات، وتحديد الملفات، لإثارتها بين فترة واخرى، خصوصا وان الازمات بالنسبة لها، تمثل الرئة التي تتنفس لمواصلة الحياة، اذ بدون هذه الازمات فانها تبقى على الهامش، وغير قادرة على البزور في البيئة الاجتماعية، نظرا لافتقارها للمقومات اللازمة لتصدرها المشهد الاجتناعي.

امتلاك صناع الازمات لأدوات الإثارة، والقدرة على تضخيم الامور، تمثل عوامل اساسية في اختراق اللاوعي الاجتماعي، خصوصا وان تحريك مختلف الشرائح الاجتماعي باتجاهات محددة، يتطلب امتلاك إمكانيات ليست سهلة، لاسيما وان الاتجاهات الفكرية والثقافية، تتفاوت في المجتمعات البشرية، مما يستدعي وضع تلك التحديات في الاعتبار للسيطرة عليها، ومحاولة توجيهها بطريقة احترافية لتنفيذ الغرض المرسوم، بمعنى اخر، فان اختلاق الازمات بحاجة الى آليات ليست متاحة للجميع، فهناك عناصر تمتلك القدرات اللازمة لاستخدام هذه المهمة، واخراجها بطريقة احترافية، مما يجعلها حديث الشارع لفترة ليست قصيرة.

الدخول في لعبة صناعة الازمات، يحتاج الى خطة مرسومة سلفا، حيث يتحرك صناع الازمات بطريقة مدروسة، وليست عشوائية في الغالب، اذ يحاول هؤلاء ابقاء الازمات مشتعلة لفترة طويلة، والحرص على تكريسها بمختلف الطرق، من خلال تشغيل مختلف الأدوات المتاحة او غير المتاحة، خصوصا وان عملية تشغيل الكثير من العناصر بطريقة غير واعية، ليس صعبا على الاطلاق، فهناك بعض الشرائح الاجتماعية تتبرع بزيادة لهيب الازمات، عبر النفخ فيها وتزويدها بالوقود اللازم، لمواصلة احراق بعض الفئات الاجتماعية، بمعنى اخر، فان صناع الازمات بحاجة الى عناصر قليلة، لاشعال المشاكل في البداية، فيما يتكفل الكثير من افراد المجتمع، بمهمة توفير الوقود اللازم، لاستمرار اشتعالها لفترة طويلة.

محترفو الازمات يفضلون العمل في الظل في الغالب، وعدم الظهور في العلن، خصوصا وان هذه الصناعة تتطلب العمل في الخفاء، بعيدا عن الأنظار، نظرا لخطورة مثل الممارسات على النسيج الاجتماعي، مما يستدعي التواري في الصفوف الخلفية، خصوصا وان اكتشاف صناع الازمات، يمثل خطورة على القدرة في التحرك بسهولة في المجتمع، فالكثير من الشرائح الاجتماعية ستأخذ جانب الحذر، من التعاطي مع هذه الفئة الخطرة، بمجرد اكتشاف دورها في إشعال الازمات الاجتماعية، وبالتالي، فان صناع الازمات يحاولون اظهار الوجه البرئ، واخفاء الوجه الشرير، من اجل تحقيق المزيد من الاختراق، واكتساب الثقة، من لدن غالبية الفئات الاجتماعية.

الوعي الاجتماعي قادر على ايقاف الكثير، من المخططات المرسومة، من لدن صناع الازمات، ”يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى? مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ“، فصناع الازمات يتحركون على التناقضات الاجتماعية، باعتبارها المساحة القادرة على توسيع الهوة، ونشر الازمات في مختلف الاوقات، بمعنى اخر، فان القضاء على التناقضات الاجتماعية، وردم الهوة يقضي على الفئات، الساعية على الاصطياد في العكر، مما يسهم في تنظيف المجتمع من الازمات، التي تشكل تهديدا على المسيرة التنموية، وتحد من الصفاء الداخلي، بين مختلف الشرائح الاجتماعية.

كاتب صحفي