آخر تحديث: 18 / 4 / 2024م - 12:10 م

الجهات الرسمية وغياب الاحتفاء بيوم المعلم

علي جعفر الشريمي * صحيفة الوطن السعودية

كل قطاعات الدولة لديها خطط تنموية على المدى القريب والمتوسط، ولذلك يجب إطلاق مشاريع تعزز قدرة المعلم وتستثمر فيه، لتطبيق خططها التنموية

تصدرت كلمات الثناء والشكر للمعلم في يومه العالمي، والذي كان يصادف الجمعة الماضي 5 أكتوبر، الملاحظ هنا أن غالب رسائل الشكر والتقدير انطلقت من جهة حكومية واحدة، وهي وزارة التعليم، والمتمثلة في: رسائل وزير التعليم والوكلاء، ومديري الإدارات، وقادة المدارس، ومنشورات وزارة التعليم في مواقع التواصل الاجتماعي التابعة لها رسميا.

السؤال المطروح: أين الجهات الرسمية الأخرى من الاحتفاء بهذه المناسبة التي من المفترض أن تكون غالية على قلوب الجميع؟

ما إسهامات الوزارات والهيئات، والجامعات السعودية، والمؤسسات الحكومية وغير الحكومية، في تفعيل الاحتفاء بهذا اليوم، مثل: الشرطة، وإدارات المرور، ووزارة الصحة، ووزارة العمل، والبنوك السعودية، ووزارة الإعلام والثقافة، ومؤسسة النقد السعودي، ووزارة الشؤون البلدية والقروية، ووزارة الاقتصاد والتخطيط، ووزارة الاتصالات وتقنية المعلومات، وهيئة الاتصالات وتقنية المعلومات، والشركات الحكومية وغيرها من القطاعات العامة والخاصة؟

هل الاحتفاء بهذا اليوم ينحصر فقط في وزارة التعليم؟ قبل الإجابة عن هذا السؤال يجب علينا أن نسأل السؤال الأهم وهو: ماذا نريد من المعلم على المدى القريب أو المتوسط؟ وهو السؤال الرئيسي لأي عملية إدارية وتنموية.

في الحقيقة، الإجابة عن سؤال ماذا نريد من المعلم، لا تخص مسؤولي وزارة التعليم فقط، وإنما تخص وتعني جميع مسؤولي وزارات وأجهزة الدولة بشكل عام، إذ إن مخرجات التعليم هي التي ستكون الداعم والرافع لكل خطة من خطط الوزارات في الدولة ومؤسساتها العامة، بتنوعها والرابطة بينها، والتي في المحصلة تصب في نبع واحد، وهو التنمية بشكل عام، حسب المرحلة المخطط لها.

وعليه يكون السؤال المنطقي: ماذا تريد وزارة البترول مثلا من المعلم خلال السنوات ال5 القادمة؟ ماذا تريد وزارة الصناعة من المعلم في المرحلة القريبة؟

احتفاء وزارة التعليم بيوم المعلم دون غيرها من الجهات، يكشف لنا بكل وضوح أننا ننظر إلى التعليم بنظرة مستقلة عن أجهزة الدولة الأخرى وحاجيات الدولة له، وكأنه جهاز قائم بذاته من أجل ذاته؛ وهنا يتم الخلط بين مفهومي العلم والتعليم.

فعندما ننظر إلى التعليم بشكل مستقل، فهذا يعني أن التعليم هو فقط تعبئة معلومات لا غير، أما إذا نظرنا إلى التعليم بشكل شامل ومتكامل مع الجهات الأخرى، فهذا يعني أن التعليم مرتبط بالتنمية الشاملة المخطط لها.

فمثلا: هل معلم الرياضيات يعلم الرياضيات كعلم خاص بذاته، بمعزل عن أي شيء آخر؛ ولذلك لا يحتاج تعليمه إلى أي سبب أو مبرر سوى فهم علم الرياضيات من ألفه إلى يائه؟ أم أن معلم مادة الرياضيات يعي تمام الوعي، أن تعليمه لطلابه مرتبط ارتباطا وثيقا بنظام تعليمي كامل؛ يسعى إلى خدمة تنمية حالية شاملة، أي تركيز الفهم على العمليات الرياضية المتقدمة وطريقة تطبيقها في الصناعات التقنية التي تحتاجها المملكة على المدى القريب؟.

أميركا مثلا عام 1957، وبسبب الحرب الباردة بينها وبين الاتحاد السوفيتي، اجتمع كل مسؤولي القطاعات الحكومية وغير الحكومية، لتحسين النظام التعليمي، والسبب في ذلك أن الاتحاد السوفيتي أطلق في ذلك العام أول قمر صناعي في التاريخ، خرج من المجال الجوي إلى الأرض، ودار حول الأرض بكل نجاح.

وكان هذا الخبر كالصاعقة على رؤوس الأميركان، وهنا اتفق مسؤولي القطاعات كافة على دعم المعلم الأميركي، فأصبحت كل المؤسسات تضع جزءا من ميزانياتها للمعلم والتعزيز من قدرته لخدمة خططها التنموية، ونتيجة ذلك أنهم استطاعوا في عام 1969، من إنزال أول بشر على سطح القمر وأعادوه إلى الأرض سالما، وهكذا تنتصر الأمم عندما تعي حق الوعي، ماذا تريد من معلميها؟

أخيرا أقول: كل قطاعات الدولة لديها خطط تنموية على المدى القريب والمتوسط، وحجر الزاوية في تطبيقها هو المعلم، وعليه يجب على كل المؤسسات إطلاق مشاريع تعزز قدرة المعلم وتستثمر فيه، لتطبيق خططها التنموية.