آخر تحديث: 19 / 4 / 2024م - 1:33 ص

في ضرورة حل أزمات الشرق الأوسط

حسن المصطفى * صحيفة الرياض

في كلمته التي ألقاها أمام المشاركين في الدورة ال 73 للجمعية العامة للأمم المتحدة، في سبتمبر المنصرم، أشار وزير الخارجية الإماراتي الشيخ عبدالله بن زايد إلى أربعة معوقات أساسية، تهدد أمن واستقرار المنطقة، وهي «التدخلات الخارجية في شؤون العالم العربي، وانتشار التطرف والإرهاب، بما في ذلك استغلال الإرهابيين للتكنولوجيا الحديثة لبث أفكارهم الخطيرة، والاكتفاء بإدراة الأزمات الناشبة في ظل غياب الحلول، وأخيرا تردي الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والإنسانية».

هذه العقبات المتداخلة معا بشكل معقد، حولت المشكلات المتتالية والموروثة، إلى وضع «الأزمة المستمرة»، التي لا يمكن حلها بجهد فردي من دولة واحدة، أو من خلال التركيز على جنبة محددة من جوانبها المتفرعة، وإنما تحتاج إلى جهد جماعي، كثيف، متواصل، يحيد نقاط الخلاف، ويركز على النقاط التي تشكل تهديدا مشتركا، يتم البدء بها، والمشي قدما، من خلال تعزيز الثقة بين جميع الأطراف، وبنائها عبر العمل المشترك، كون الأزمة تحيط بمختلف الدول في الشرق الأوسط، ولا تقف تداعياتها عند دولة دون سواها.

الفيلسوف الفرنسي إدجار موران، وفي كتابه «في مفهوم الأزمة»، يشير إلى أن هنالك انزياحا حصل في معنى كلمة «أزمة»، التي كانت تعني في أصلها اليوناني «القرار»؛ أي «اللحظة الحاسمة التي تتيح خلال تطور عملية غير مؤكدة تنفيذ تشخيص». إلا أنه في الوقت الحالي، اتخذ المعنى وضعا مناقضا، وهو «التردد»، شارحا ذلك بقوله «اللحظة التي يظهر فيها غياب اليقين، بالتزامن مع اضطراب ما».

بالعودة إلى كلمة الشيخ عبدالله بن زايد، نجد أن هنالك بالفعل حالا من «عدم اليقين» تسود السياسات في الشرق الأوسط، تجاه القضايا التي طرحها، وهنالك ترددا في اجتراح حلول جذرية، وهو ما دفعه في حديثه إلى مطالبة المجتمع الدولي ب» أن يتخذ موقفا حازما تجاه الدول ذات السياسات العدائية التي تنتهك القوانين الدولية وميثاق المنظمة»؛ لأن هذا التذبذب في السياسات تجاه الدول أو الجماعات المارقة، من شأنه أن يزيد من تفاقم الأزمات ويصعب حلها.

من هنا «أصبح حتما علينا أن نكون فاعلين أكثر في الحفاظ على الأمن الإقليمي، عبر تعزيز الشراكات لمعالجة التحديات القائمة، فنحن ندرك أنه لا يمكن مواصلة الاعتماد على دول أخرى لحل أزمات المنطقة، وأنه لا يمكن لدولة واحدة، مهما كانت قدراتها، أن تتمكن بمفردها من إعادة الأمن والاستقرار»، بحسب وزير الخارجية الإماراتي.

هذه الدعوة الصريحة للشيخ عبدالله بن زايد ل» تصفير المشكلات»، يفترض أن تؤخذ على محمل الجد من العواصم الكبرى، وأن تسعى هذه الدولة لإيجاد صيغة ما للحوار والتفاهم الجديين، لا مجرد الشعارات أو الأقوال التي لا معنى لها؛ لأن استمرار الأزمات يعني أن الإرهاب والأصولية والحروب والفقر والأمية ستجد بيئات مناسبة للنمو، وحينها لن يكون للحكماء والحكمة أي تأثير، وستغرق المنطقة في بحر أزمات تلدُ أخرى.