آخر تحديث: 28 / 3 / 2024م - 5:41 م

وعد بلفور.. العقدة مستمرة

محمد أحمد التاروتي *

في الذكرى الحادية بعد المائة لوعد بلفور المشؤوم، لا يجد المراقب سوى استذكار موجات التهجير القسرية، التي لحقت بالشعب الفلسطيني على يد الارهاب الصهيوني، حيث جرت تلك النكبات تحت أنظار العالم، وبموافقة صريحة لقوى الاحتلال في تلك الحقبة الزمنية، فالجماعات الصهيونية الارهابية لم تكن لتقدم على التجهيز القسري، للشعب الفلسطيني، بدون الحصول على الضوء الأخضر.

احدث وعد بلفور نكبة كبرى للشعب الفلسطيني، ما تزال تداعياتها الاخلاقية والسياسية، ماثلة حتى الوقت الراهن، فهناك اكثر من 6 مليون فلسطيني يعيشون في مختلف الدول العالمية، نتيجة عمليات التنكيل والقتل الذي مارسته الجماعات الصهيونية الارهابية، مما اجبر مئات الآلاف من الاسر الفلسطينية، على ترك منازلها، وتحمل تبعات البعد عن الوطن.

استطاعت الجماعات الصهيونية استغلال وعد بلفور، عبر استخدام مختلف الأشكال للسيطرة على الارض، فهذه الجماعات المسلحة لم تترك وسيلة دون استخدامها، لاجبار الشعب الفلسطيني على ترك ارضه، الامر الذي تمثل في اتساع الرقعة الجغرافية، لسيطرة اليهود في المدن الفلسطينية، حيث بدأت في تنفيذ المخططات المدروس على سنوات عديدة، وبالتالي فان وعد بلفور ”بإقامة وطن قومي لليهود“، كان الواجهة للمخطط الذي بدأ في مؤتمربازل.

محاولات مسح ملف القضية الفلسطينية، ذهبت ادراج الرياح على مدى العقود الماضية، خصوصا وان المساعي الاممية لتصفية نكبة الشعب الفلسطيني، تتجاهل الحقائق التاريخية، وبالتالي فان وضع الجلاد والضحية في مستوى واحد، غير مقبول على الاطلاق، بمعنى اخر، فان محاباة الغاصب على حساب الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، تكون نتائجها محسومة ومصيرها الفشل الذريع، الامر الذي يفسر استمرار العقدة الفلسطينية وعدم القدرة على فكها، نظرا لوجود شفرات عصية على الحل، جراء غياب النوايا الصادقة، في إعطاء الشعب الفلسطيني حقوقه العادلة.

الاصرار الفلسطيني على مقاومة الاحتلال، وفشل كافة الممارسات الارهابية الاسرائيلية على أركاعه، عناصر قوة تصب في مصلحة ابقاء القضية الفلسطينية، في الضمير الانساني العالمي، خصوصا وان المراهنة على المنظمات الاممية، في استعادة الحقوق المسلوبة بات خيارا فاشلا، مما يستدعي اعادة النظر في سلم الاولويات، بما يحقق تطلعات الشعب الفلسطيني، فالتضحيات الكبيرة التي قدمت وما تزال تقدم قادرة، على وضع مسار القضية الفلسطينية في المسار الصحيح.

الانقسام الفلسطيني مرض خطير، يهدد وحدة الصف، ويعطي الاحتلال الاسرائيلي هوامش واسعة للتحرك، ومحاولة الضرب على وتر الانقسام، من اجل تحقيق العديد من المكاسب على الأرض، خصوصا وان استمرار الانقسام الفلسطيني، يخدم تل ابيب حاليا، نظرا لوجود تحولات كبرى، على صعيد التعامل مع ملف القضية الفلسطينية، مما يستدعي وضع خطة عاجلة لإعادة وحدة الصف، وانهاء الانقسام الحاصل، من اجل توحيد الموقف بما يخدم مصلحة الشعب الفلسطيني.

تمسك الشعب الفلسطيني بعدالة قضيته، وعدم الانسياق وراء الوعود التي تسوقها الدول الكبرى، لايجاد حل عادل، يمثل الخيار القادر على قلب الامور رأسا على عقب، فالشعب يمثل الكلمة الفصل في مختلف الظروف.

كاتب صحفي