آخر تحديث: 25 / 4 / 2024م - 9:08 م

الاوهام.. الانتصارات

محمد أحمد التاروتي *

يمارس البعض هواية الخداع عبر نسج الانتصارات،، والبطولات في مختلف المعارك الحياتية، فهو يتحاشى الإقرار بالهزيمة او الاعتراف بالفشل، مما يجعله يواصل مشوار الخداع بطرق متعددة، لاغراض متعددة منها الظهور امام الرأي العام بصورة البطل الذي لا يقهر، وكذلك زرع البطولات ”العنترية“ في الثقافة الاجتماعية، الامر الذي يفتح الطريق امامه للحصول المزيد من المكاسب، خصوصا وان المنتصر يحظى بالاهتمام الكبير، بخلاف المهزوم الذي يتوارى خلف الستار، فضلا عن الاثار السلبية المرتبطة بتداعيات الهزيمة، مما يدفع لمواصلة الخداع بخلاف الوقائع على الارض.

تكريس الانتصارات الوهمية، مرتبطة بغسيل الدماغ للبيئة الاجتماعية، فأصحاب الانتصارات الزائفة يحرصون على فرض طوق، من التعتيم الاعلامي على القاعدة الشعبية، من اجل منع الأصوات الاخرى من الوصول الى الوسط الاجتماعي، الامر الذي يفسر احتكار الصوت الاعلامي، ورفض جميع الأصوات الداعية للانفتاح، ومحاولة التعرف على الاّراء الاخرى، نظرا للآثار السبية المترتبة على فريق الانتصارات الزائفة، سواء على المدي القصير او البعيد.

مشوار الانتصارات الوهمية قصير، وغير قابل للاستمرار على الاطلاق، خصوصا وان الحقائق يمكن اخفاءها لفترة عن الوسط الاجتماعي، بيد ان مصيرها الظهور امام الملأ، مما يجعل اصحاب الانتصارات الوهمية، في موقف لا يحسد عليه، فالصدمة تكون كبيرة على البيئة الاجتماعية، وبالتالي فان ردود الافعال تكون كارثية في مختلف المستويات، لاسيما وان انكشاف زيف الانتصارات، يترجم على شكل مواقف متعددة، الامر الذي ينسحب على الرصيد الاجتماعي، بحيث يظهر بشكل واضح في تدني التأييد الشعبي خلال فترة قصيرة.

يحاول فريق الانتصارات الوهمية، وضع خطة طوارئ او خطط بديلة، لتكون جاهزة على الدوام، بغرض استخدامها بصورة عاجلة، بمجرد انكشاف الحقائق على الملأ، فالهدف من وضع الخطط البديلة، يكمن في تدارك التداعيات السلبية، الناجمة عن ظهور زيف الانتصارات الوهمية، اذ يعمد في البداية التريث في إطلاق المواقف المضادة، من اجل الوقوف على ردود الفعل، فالقراءة الدقيقة للمواقف الشعبية، تعطي اصحاب الانتصارات الوهمية، صورة واضحة للخطوات القادمة، بمعنى اخر، فان الخطط البديلة تتحرك لسحب البساط من الاطراف المنافسة، للتأثير على الوسط الاجتماعي، وبالتالي فان الخطط البديلة ضرورة لاصحاب الانتصارات الوهمية، للمحافظة على الأقدر الاكبر من الرصيد الاجتماعي.

الشعور بعدم مجاراة الطرف المنافس في مختلف المعارك، تشكل احد الاسباب وراء ادعاءات الانتصارات الباهرة، لاسيما وان نقل الحقائق دون تزييف او تحريف، يسهم في تعرية فريق الانتصارات الوهمية، مما يستدعي انتهاج سياسة الخداع على البيئة الاجتماعية، وبالتالي فان الاعتراف الداخلي بالهزيمة، وعدم إمكانية الانتصار تدفع لرفع المعنويات، عبر نسج الانتصارات على الورق، فيما الواقع يتحدث عن هزيمة نكراء يصعب تحملها على الاطلاق.

الاعتراف بالهزيمة يمكن تسخيره، في البحث عن الحلول المناسبة، لإعادة الكرة مجددا، من خلال دراسة التجربة بما يكشف أسباب الفشل في المعركة، بمعنى فان رسم الانتصارات الوهمية يحرم الطرف المنهزم، من الاستفادة من التجربة للنهوض مجددا، خصوصا وان الهزيمة مرتبطة بعوامل قوة في الخصم، وعناصر ضعف لدى الطرف المهزوم، الامر الذي يستدعي التحرك الجاد لتجاوز عوامل الضعف، والاستفادة من عناصر القوة لدى الطرف المنتصر، وبالتالي فان الانتصارات الوهمية، ليست حلا على الاطلاق، بقدر ما تكشف عن تبني سياسة الهرب للامام.

كاتب صحفي