آخر تحديث: 19 / 4 / 2024م - 1:33 ص

التفكير الواقعي

محمد أحمد التاروتي *

التعامل بطريقة واقعية مع القضايا، يفضي للحصول على نتائج منسجمة، مع التصورات المنطقية، فالتحليق عاليا في سماء الخيال، يقود للاصطدام مع الحقائق على ارض، مما يشكل صدمة كبرى، وغير متوقعة، بحيث تبرز على شكل انعطافة مفاجئة، نظرا لعدم وجود ارضية مسبقة لتقبل النتائج الصادمة، وبالتالي فان محاولة الانسجام مع التحولات الجارية، عملية ضرورة لاستخلاص الحلول المقبولة، والقادرة على اكتساب الرضا لدى الجميع.

التفكير الواقعي امر مرتبط بالقدرة على التأقلم السريع، مع المستجدات والمتغيرات المتسارعة، فالتباطؤ في التعاطي الفوري مع التحولات، يحدث حالة من الصدمة في البداية، مما يولد نوعا من الاختلال، وعدم التوازن، وبالتالي انعدام الرؤية الواضحة، في الوقوف على جذور المشاكل، والتالي الفشل في التوصل الى الحلول المناسبة، فيما يسهم التفاعل السريع مع التحولات، الى التحرك وفق الاليات المتداولة، ”من عرف لغة قوم امن مكرهم“، بمعنى اخر، فان امتلاك الامكانيات مرتبط بوجود عناصر نابعة من الواقع، فالحلول الخارجية او النظرية، ليست قادرة على تحريك القضايا في الاتجاه الصائب مطلقا.

توافر التفكير الواقعي، عنصر حيوي في احداث تغيير جذري، في معالجة القضايا، فهناك الكثير من القضايا مرهونة بدراسة بيئتها الاجتماعية، من اجل التوصل الى معالجات حقيقية، لاسيما وان البيئة الاجتماعية لاعبا أساسياً، في توتير بعض القضايا، وعنصر رئيسي في مفتاحها، بمعنى ان المحيط الاجتماعي مفتاح وقفل في الوقت نفسه، مما يتطلب الدراسة الدقيقة للوقوف على المفاتيح القادرة، على فتح الإقفال بشكل نهائي.

الثقافة المتحركة تلعب دورا في توجيه بوصلة التفكير في الاتجاه الصحيح، فالجمود في طريقة المعالجة تقود الى طريق مسدود في الغالب، مما يولد نوعا من النكوص في التحرك الإيجابي، وبالتالي فان امتلاك الثقافة المتحركة عملية ضرورية الانسجام، مع الواقع بطريقة تفاعلية تفضي الى الحلول المناسبة، بمعنى اخر، فان الثقافة عامل حاسم في توجيه الامور بطريقة مثالية، عبر التعاطي مع الواقع، وعدم استخدام الأسلوب الخيالي، او الانعزالي في معالجة الامور.

الظروف السياسية والاقتصادية، احد المحركات في ملامسة الواقع بطريقة ايجابية، فالدراسة الدقيقة لهذه العوامل مجتمعة او منفردة يعطي تصورات أولية لجذور المشاكل، واحيانا وصف الحلول بطريقة مبدئية، فيما الوقوف على الظروف السياسية والاقتصادية والاجتماعية، تشكل مدخلا رئيسيا في خلق الاجواء المناسبة، لإيجاد الحلول المناسبة، لاسيما وان القضايا مرتبطة بهذه العوامل او احداها في الغالب، مما يقود الى وضع هذه العناصر ضمن الاولويات، قبل الانخراط في حلحلة الامور بشكل جذري، وبالتالي فان التفكير الواقعي مرتبط بوحود تصور متكامل، حول الظروف المحيطة بالمشاكل، نظرا للترابط الوثيق بين نشوب المشاكل والظروف الاقتصادية والسياسية والاجتماعية.

التفكير الواقعي يفرض تحمل النتائج مهما كانت مرارتها، فالتفكير بالنتائج الايجابية يكشف نوعا من النرجسية، في طريقة التعاطي مع الامور، فيما تقبل النتائج المعاكسة مرتبط بوجود نوع من الواقعية، فالبحث عن الحلول يصطدم احيانا، بجدار سميك من التعاطي السلبي، مما يقود الى الطريق المسدود، سواء في بداية الطريق او منتصفه، وطورا في نهاية الطريق، وبالتالي فان توطيد النفس على مفآجات طريق، جزء لا يتجزأ من التفكير الواقعي، في التعاطي مع الملفات على اختلافها.

كاتب صحفي