آخر تحديث: 19 / 4 / 2024م - 1:33 ص

كما تدين تدان

بدرية حمدان

عبر ومواعظ الحياة كثيرة لا تنتهي ولكن الاتعاظ والأخذ بالعبر قليل جدا ونادرا، فالصور تتكرر كل حين ننظر إليها نعيها في كثيرا من الأحيان نفسر مدلولاتها نحلل نتائجها ولكن لا نعمل بها

فنقع في نفس المطب وكأننا ننسى أو نتناسى إن هذه الصور التي تتمثل أمامنا هي بمثابة رسول انذار ونذير

قال تعالى:

فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ ﴿2 الحشر

الْبِرُّ لَا يَبْلَى وَالذَّنْبُ لَا يُنْسَى وَالدَّيَّانُ لَا يَفْنَى فَكُنْ كَمَا شِئْتَ كَمَا تَدِينُ تُدَانُ" - الحلواني، نزهة الناظر وتنبيه الخاطر، ص16

قال الإمام علي «كما تدين تدان وكما تزرع تحصد وكما تصنع يصنع بك».

من الحسابات التي تطبق عاجلا وليس آجلا وكلا على حسب ما تجنيه يداه

تعاتبني وتشكل علي وأنت غدا تقف نفس موقفي

فالكلمة التي أنت جارحني بها تتحول سيف في قريب

تجرح.

قال تعالى:

إِن يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِّثْلُهُ ۚ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنكُمْ شُهَدَاءَ ۗ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ «140» ال عمران

يغافلا ترجو النجاة غدا انظر لدنياك ماذا كنت تفعل

هناك قصة رائعة ممكن أن نستقي منها العظة والعبرة

نقلا من منتدى الكفيل.

عن أبي عبدالله الصادق أنه قال:

لا تغتب فتغتب، ولا تحفر لأخيك حفرة فتقع فيها، كما تدين تدان. ”

- يحكى أن أحد الحكماء خرج مع ابنه خارج المدينة ليُعرفه على التضاريس من حوله في جو نقي، بعيداً عن صخب المدينة وهمومهاسلك سلكالاثنان وادياً عميقاً تحيط به جبال شاهقة.. وأثناء سيرهما، تعثر الطفل في مشيته.. سقط على ركبتيه.. صرخ الطفل على أثرها بصوت مرتفع تعبيراً عن ألمه: ”آاااآه“. فإذا به يسمع من أقصى الوادي من يشاطره الألم بصوت مماثل: ”آاااآه“.

نسي الطفل الألم وسارع في دهشة سائلاً مصدر الصوت: ”ومن أنت؟“.

فإذا بالجواب يرد عليه سؤاله: ”ومن أنت؟“.

انزعج الطفل من هذا التحدي بالسؤال فرد عليه مؤكداً: ”... بل أنا أسألك من أنت؟“.

ومرة أخرى لا يكون الرد إلا بنفس الجفاء والحدة: ”بل أنا أسألك من أنت؟“.

فقد الطفل صوابه بعد أن استثارته المجابهة في الخطاب.. فصاح غاضباً: ”أنت جبان“.

فهل كان الجزاء إلا من جنس العمل.. وبنفس القوة يجيء الرد: ”أنت جبان“.

أدرك الصغير عندها أنّه بحاجة لأن يتعلم فصلاً جديداً في الحياة من أبيه الحكيم الذي وقف بجانبه بدون أن يتدخل في المشهد الذي كان من إخراج ابنه.

قبل أن يتمادى في تقاذف الشتائم تمالك الابن أعصابه وترك المجال لأبيه لإدراك الموقف حتى يتفرغ هو لفهم هذا الدرس، تعامل الأب كعادته بحكمة مع الحدث، وطلب من ولده أن ينتبه للجواب هذه المرة وصاح في الوادي: ”إنني أحترمك“.

كان الجواب من جنس العمل أيضاً.. فجاء بنفس نفحة الوقار: ”إني أحترمك“.

عجب الابن من تغير لغة المجيب.. ولكن الأب أكمل المساجلة قائلاً: ”كم أنت رائع“.

فلم يقلَّ الرد عن تلك العبارة الراقية: ”كم أنت رائع“.

ذهل الطفل مما سمع، ولكن لم يفهم سر التحول في الجواب، ولذا صمت بعمق لينتظر تفسيراً من أبيه لهذه التجربة الفيزيائية، علق الحكيم على هذه الواقعة بهذه الحكمة:

”أي بني نحن نسمي هذه الظاهرة الطبيعية في عالم الفيزياء «الصدى»، لكنها في الواقع هي الحياة بعينها، إنّ الحياة لا تعطيك إلا بمقدار ما تعطيها، ولا تحرمك إلا بمقدار ما تحرم نفسك منها، فالحياة هي مرآة لأعمالك وصدى لأقوالك“.

التعقيبات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
التعليقات 2
1
كلمات مبعثره
[ القطيف ]: 17 / 11 / 2018م - 4:12 ص
كلما اعطى الانسان سيرتد عليه ان اعطى الخير عاد له الخير وان سلك طريق الشر فكذلك سيرتد عليه الشر فلابد للانسان ان يكون جميلا في كل شي عطاياه تعاملاته اخلاقه حبه كلها لوجه الله لتثمر له ثمرة يانعه مثمره ايجابية
2
سلمان العنكي
[ القطيف ]: 17 / 11 / 2018م - 12:35 م
جميل جدا ورائع