آخر تحديث: 28 / 3 / 2024م - 3:46 م

2019

محمد أحمد التاروتي *

احتفل العالم بولادة سنة جديدة، وسط امال عريضة بعام جديد، مغاير تماما عن السنة الفائتة، فالبشرية تتحرق شوقا لرؤية الاحلام تتحق على الارض، نظرا لحالة الاحباط الشديدة الناجمة عن انتشار الحروب، واتساع الهوة بين طبقة الاثرياء وشريحة الفقراء، حيث يعيش العالم حالة من التخبط، والاضطرابات في مختلف المجالات، بيد ان التمسك بالامل يبقى قائما، لتجاوز اليأس المعشعش في صدور الكثير، من المجتمعات البشرية.

يطل العام الجديد، مع تباشير انحسار سطوة داعش من الواجهة السياسية، خصوصا وانها سيطرت المشهد العام منذ بروزها، كلاعب اساسي في المشهد السياسي عام 2014، الامر الذي ساهم في زرع الخوف في القلوب، جراء العمليات الوحشية التي مارستها، في المناطق التي سيطرت عليها، سواء في سوريا او العراق، بيد ان الجهود الكبيرة التي بذلت ساهمت في اختفاء هذه الظاهرة الشاذة، التي احدثت صدمة كبرى في المنطقة، وبالتالي فان تلاشي دولة خليفة داعش، اعطت بصيص امل بجدوى محاربة الارهاب، ومنع انتشاره بشكل سرطاني في جسم العالم باسره.

تأتي السنة الجديدة، ومنطقة الشرق الاوسط تموج بالاحداث، وتعج الاضطرابات السياسية، فالمنطقة لم تشهد الاستقرار منذ منتصف القرن الماضي، نظرا للحروب المستعرة التي تنشب في العديد من المناطق، مما ساهم في تعميق حالة الفقر، لدى شعوب منطقة الشرق الاوسط، جراء انعدام الامن والاستقرار، مما يعرقل جهود التنمية الشاملة، وبالتالي فان شعوب منطقة الشرقية تتوق للسلام، وسكوت اصوات المدافع، التي حصدت الكثير من الأرواح، ودمرت مئات المنازل، واحرقت الاخضر واليابس.

يحتفل العالم بقدوم عام 2019، والقضية الفلسطينية ”مكانك سر“، فالقرارات الدولية التي صدرت لمعالجة انهاء الاحتلال الاسرائيلي، بقيت حبرا على ورق، نظرا لانعدام الارادة الدولية في تحريك الملف بالاتجاه الصحيح، جراء السياسات الدولية غير الجادة، في الضغط على اسرائيل، لتنفيذ القرارات الدولية، وبالتالي فان العام الجديد لا يشكل حدثا كبيرا لدى الشعب الفلسطيني، فهو كغيره من الاعوام السابقة، مما يزيد من حجم المعاناة التي يكابدها الشعب الفلسطيني، منذ منتصف القرن الماضي، فالسنة الجديدة لا تمثل سوى رقما جديدا، ضمن ارقام الأعوام الماضية.

المظاهرات التي عمت في بعض البلدان العالمية، في عام 2018، على خلفية الاوضاع الاقتصادية الصعبة، ستكون احد الاسباب وراء تلاشي الامال بعام جديد، يكون اكثر رحابه من سابقه، فالاقتصاديات العالمية تواجه الكثير من التحديات في مختلف المجالات، الامر الذي انعكس على انخفاض مستوى النمو، وكذلك تراجع مستوى الدخل لدى الفرد، مما انعكس على المستوى المعيشي في النهاية، وبالتالي فان الاوضاع الاقتصادية ستكون سببا في استمرار حالة اليأس، التي تحتاج الكثير من البلدان العالمية، حيث برزت جماعة السترات الصفراء، كلاعب قوي في الضغط على بلدانها، مما يسهم في اعادة بعض التوازن في الفجوة بين الاغنياء والفقراء.

بالرغم من المآسي التي تعم العالم، جراء تضارب المصالح بين الدول الكبرى، فان البشرية تتحرك باتجاه ارساء السلام، في جميع الاتجاهات، ومحاولة فرض ارادتها، على المخططات السياسية الهادفة، لتغليب المصالح الضيقة على رغبات الشعوب العالمية المشروعة، وبالتالي فان العام الجديد يمثل مناسبة لاحداث تغييرات لتحقيق جزء من الاحلام، التي تراود المجتمعات البشرية، والمتمثلة في اختفاء الحروب، والبدء في مسار التنمية الشاملة.

كاتب صحفي