آخر تحديث: 28 / 3 / 2024م - 10:14 م

نفسية

محمد أحمد التاروتي *

المزاجية احدى الطباع البشرية، فالمرء ينقلب رأسا على عقب بين لحظة واخرى، تبعا للحالة النفسية التي يكابدها الانسان في الحياة، مما ينعكس على طبيعة العلاقات الاجتماعية، سواء كانت داخل الاسرة او في البيئة الاجتماعية الضيقة او الواسعة، بحيث تبرز على شكل مواقف غير متوقعة، او صادمة بشكل كبير احيانا، وبالتالي فان مراعاة الحالة النفسية ضرورة للتعامل مع التقلبات الحاصلة، في طبيعة العلاقات الاجتماعية.

النفسية القائمة على التقلب غير المنضبط، في التعاطي مع المحيط الخارجي، تخلق العديد من الاشكاليات، وتدمر العلاقات الانسانية الطبيعية، خصوصا وان المزاجية غير الاعتيادية ليست مقبولة مطلقا، نظرا للتداعيات المترتبة على شكل العلاقات الاجتماعية، وبالتالي فان العلاقات القائمة على التناقضات النفسية مصيرها الانتهاء، الامر الذي يسهم في اثارة الخلافات الشخصية على نطاق واسع، مما يستدعي وضع اطار اخلاقي للتعامل مع اصحاب الحالات المزاجية، من خلال التعاطف او التفهم مع الحالات المضطربة التي يكابدها هؤلاء.

الحالات النفسية المرضية يمكن استيعابها، ومحاولة التعاطي معها بطريقة خاصة، خصوصا وان التعاطي بالعنف او التعامل بالطريقة ذاتها، ينم قصور في اختيار الطريقة المناسبة، في احتضان مثل هذه الامور، مما يستدعي دراسة الوضع بشكل دقيق، لتفادي الدخول في متاهات، او التسبب في نشوب خلافات، وبالتالي فان عملية ارساء قواعد خاصة في التعامل مع النفسيات ضرورة، للتحكم في ايقاع العلاقات الاجتماعية، لاسيما وان انتهاج القطيعة الكاملة ليس اسلوبا مناسبا في الغالب، بمعنى اخر، فان التحرك المتوازن مع اصحاب الحالات المزاجية، يسهم في امتصاص ردات الفعل العنيفة، مما يؤسس لحالة من الهدوء في شبكة العلاقات الاجتماعية.

المشكلة تكمن في النفسيات غير المرضية، فهذه الشريحة الاجتماعية تتلذذ في خلق المشاكل، من خلال اعتماد التعامل غير المتوازن، والمتناقض تماما في احيان عديدة، فهي تتحرك وفقا للأهواء والرغبات، بعيدا عن المبادئ الاخلاقية، مما يجعلها قادرة على الانتقال المفاجئ، وغير المتوقع من موقع لآخر، بحيث تضع في الاعتبار حجم المصالح الناجمة عن التحول من فريق لاخر، الامر الذي يجعل عملية التعاطي مع هذه النوعية من البشر صعبة للغاية، نتيجة الانقلاب الكبير في المواقف، مما يعرقل جميع المحاولات للسيطرة على الوضع، ومنع تدهور العلاقات القائمة.

النفسية المصلحية، احد الامراض البشرية المتربطة، بحب السيطرة او الاستحواذ، حيث تحاول التحرك ضمن المساحات المتاحة للحصول على المكاسب، بهدف تعظيم حالة ”الانا“ في المجتمع، خصوصا وان الانتقال يحدث نوعا من الصدمة في شبكة العلاقات الاجتماعية، مما يستدعي وضع كافة الاحتمالات، بغرض استيعاب الصدمات المفاجئة، لاسيما وان الاحتكاك المباشر يكشف التفكير لدى الطرف المقابل، وبالتالي فان النفسيات غير المستقرة تصبح مكشوفة لدى الاخر، مما يستدعي وضع الاحتياطات اللازمة للسيطرة على الوضع، بمجرد بروز موقف مناقض.

التعاطي مع النفسيات المصلحية، يتطلب قدرة فائقة وغير اعتيادية، في مختلف الظروف الطبيعية والاستثنائية، لاسيما وان الدخول في مواجهة مباشرة، ليس حلا مناسبا في بعض الاحيان، مما يتطلب ايجاد وسائل اكثر فاعلية في تقليل حجم الخسائر، وبالتالي فان وضع الخطط البديلة في الاوقات الطارئة، يمثل احد الحلول المناسبة للتخلص من المأزق الناجم عن الانقلاب الحاصل، في العلاقات الاجتماعية مع اصحاب النفسيات المصلحية.

كاتب صحفي