آخر تحديث: 29 / 3 / 2024م - 4:57 ص

زيارة البابا دليل وعيه

عيسى العيد * ايلاف

عندما تسمو الاهتمامات وترتقي بأفكارها، تتدنى الصغائر منها وتضمحل. فعقل الإنسان عندما ينشغل بأمر أكبر، فإن فكره يكبر بقدر ذلك حجم تلك الاهتمامات وتصغر عنده الاهتمامات الأقل حجما. وتلك هي الفطرة التي فطر الله بها خلقه. فليس من المعقول أن اهتماماتناالتي كنا ننشغل بها ونحن صغار والتي قد انتهت من حياتنا الراهنةتبقى مخزنة في الذاكرة التي يعبر عنها في العقل الباطن على حساباهتمامات اكبر تناسب العمر الذي نحن عليه. كذلك، فإن الانشغالات بأمور أعلى شأنا تذيب الصغائر وتجعلنا نحتقر كثيرا من الأمور التي مرت بنا وندرجها ضمن سفاسف الأمور، بل نضحك عليها وعلى أنفسنا، لانشغالنا بها وصرف الأوقات عليها.

ما يقوم به البابا فرانسيس بابا الفتيكان من زيارة للإمارات العربية المتحدة، وهي الزيارة البابوية غير مسبوقة لدولة في شبه الجزيرة العربية التي لم تأت إلا بعدما تعدى ركام تاريخي طاحن بين المذاهب المسيحية والتي أُزهقت فيها أرواحا كثيرة نتيجة الخلافات بينهم مع أنهم يعتقدون جميعا بأن الدين المسيحي هو دين سلام ورفعة ووئام.

انجلت عندهم المشاكل عندما اتسع تفكيرهم وتساموا عن خلافاتهم واستبدلوها بالحوار مع الأخر والانفتاح عليه، هنا تنعدم الصغائر أمامالأفكار الكبيرة والتي نتج عنها الخلق والعلوم المتقدمة.

نحن - المسلمين - حالنا كحال أي ديانة في العالم قد افترقنا إلى فرق ومذاهب نتيجة القراءات والمفاهيم المختلفة لكننا ندين بدين واحد، لكن مع الأسف لا زلنا نفكر بطريقة بدائية بخلافاتنا المذهبية حتى صار الواحد منا لا يطيق بأن يبني علاقة صداقة مع من يختلف معه في المذهب حتى وان كان يعيش معه في وطن واحد، لأن هذا هو آخرهمنا الذي يشغلنا مبتعدين بذلك عن الاهتمامات الكبرى التي تزيد من وعينا وترفع من شأننا وتصغر أمامنا هذه الخلافات التي أنهكتبلداننا.

لو ان القيادات الدينية في المؤسسات الإسلامية ترفع من الاهتمامات وتنفتح على الديانات الأخرى فلسوف تسمو بفكرها لتنتج بذلك فكراجديدا ينطبع على عامة الناس. إذا لابد من التفكير الجاد نحو ما يقوم به إخواننا المسيحيون من اهتمامات كبيرة حتى وصل بهم الحال بأنهم لا يخشون من الانفتاح على من يختلفون معهم في الدين فضلا عن مذاهبهم المختلفة.

إن زيارة البابا لإحدى دولنا الإسلامية نتيجة وعي وتفكير كبير يدعوبنا وبقياداتنا الإسلامية أن تنفتح على بعضها وتتحاور فيما بينها ومن ثم تنفتح على الديانات الأخرى لكي نتجاوز كل الخلافات بين الناس.