آخر تحديث: 28 / 3 / 2024م - 10:36 م

وسائل.. التشاحن

محمد أحمد التاروتي *

تمثل وسائل التواصل الاجتماعي ساحة واسعة، لتصفية الحسابات على اختلافها، نظرا لقدرتها على اختراق النطاق الجغرافي المحدود، وسهولة الوصول الى شريحة واسعة على ظهر الكوكب، مما يساعد على استخدامها هذه الوسائل بشكل مكثف، وغير منظبط لتخريب العلاقات الاجتماعية، ومحاولة اختلاق الاكاذيب للحط من الخصم، الامر الذي يفسر انتقال الكثير من الصراعات من العالم الحقيقي الى المنصات الافتراضية، حيث ترصد الكثير من الميزانيات، في سبيل تضخيم العديد من الخلافات.

تنامي استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، شكل احد المحفزات لتحويلها الى ساحة معارك، والتحرك باتجاه تصويب السهام نحو الخصوم، خصوصا وان انتشار الشائعات بات امرا سهلا، وغير معقد على الاطلاق، فالعملية لا تستغرق اكثر من كتابة بضع كلمات، وبثها بواسطة جهاز صغير، ليتم تداولها بسرعة البرق في مختلف انحاءالعالم، وبالتالي فان وسائل التواصل الاجتماعي تشكل سلاحا خطيرا قادرًا، على تفكيك العلاقات الاجتماعية، نظرا لوجود عوامل عديدة قادرة على تكريس الدور السلبي، لهذه الوسائط في المجتمعات البشرية.

اتساع نطاق وسائل التواصل الاجتماعي، ودخولها كلاعب اساسي في مختلف مناحي الحياة، فرضت واقعا جديدا على البشرية، بحيث باتت جزء من التفكير البشري، جراء الغزو غير المسبوق لهذه المنصات الالكترونية، وبالتالي فان استخدام هذه الوسائل في الصراعات اصبح أمراً اعتياديا، وغير مستغرب على الاطلاق، نظرا لإدراك الخصوم بضرورة تسخير التقنية في الحروب الجديدة، فهي قادرة على تحقيق الكثير من المكاسب، وقدرة على الانتشار السريع بدون عراقيل، الامر الذي يتمثل في ظهور الكثير من المناوشات بشكل يومي، جراء الاستخدام غير المتوازن لهذه الوسائط الجديدة، في الصراعات الداخلية والخارجية على حد سواء.

امتلاك القدرة على الانتشار ميزة اساسية، في اختراق جدار ”التشكيك“، والرفض احيانا، بشأن المعلومات المتعلقة بالطرف المقابل، فالبعض يحاول استخدام بعض المصداقية في تكريس الشائعات، والاكاذيب لدى القاعدة الشعبية، الامر الذي يسهم في تلقي المعلومات بدون تمحيص او تدقيق، مما يوفر المناخ المناسب للقضاء على الخصم، وحصد النقاط على حساب غريمه، بمعنى اخر، فان التحرك المدروس في الخلافات والحروب السياسية، يتطلب وضع جميع الاحتمالات لتفادي السقوط، في مستنقع الكذب المستمر، نظرا لوجود أطراف عديدة تراقب الوضع لالتقاط الاخطاء، او الكذب لسحب البساط، وقطع الطريق امام مسلسل الاكاذيب، واختلاق القصص الوهمية.

استخدام الثغرات القانونية، يسهم في تنامي الاستخدام السيء، لإدارة الصراعات بين الخصوم، بحيث أخذت الكثير من الخلافات المحدودة تخرج للعلن، وتصبح مادة دسمة للتداول اليومي، نظرا لمعرفة أطراف الصراع بصعوبة الملاحقة القانونية، او عدم وجود تشريعات، تلجم الاستخدام غير الاخلاقي للخلافات، وبالتالي فان استمرارية تأثير الكبير لوسائل الاجتماعي، في كسب التأييد الشعبي، يعزز من استخدام هذه المنصات الالكترونية، في ادارة الصراعات الصغيرة والكبيرة، فالبعض لا يجد غضاضة في اللجوء الى الوسائل التواصل الاجتماعي، بمجرد حصول خلاف صغير، بحيث يتحول الى قضية رأي، ويسهم في قطع الوشائج الاجتماعي، سواء على النطاق الضيق، او الواسع.

غياب الوعي الكافي يخدم بعض الخصوم، في تشكيل الرأي العام الاجتماعي، خصوصا وان تداول الشائعات بسرعة فائقة، يساعد احد الاطراف على تحقيق مآربه الخاصة، في تكريس قناعات كاذبة، وبالتالي احداث شرخ في جدار التماسك الداخلي، بحيث يقود الى التمزق والتشتت، سواء كان بوعي او بدون وعي.

كاتب صحفي