آخر تحديث: 16 / 4 / 2024م - 4:10 م

”لا“ الخجولة

ياسين آل خليل

كم تتوق أنفسنا لسماع كلمة ”نعم“ وهي المفردة التي تعني بأن طلباتنا قد استجيبت. مفردة أحببناها وعشقناها منذ طفولتنا لأنها كانت وما زالت تعني لنا الكثير. كلمة صغيرة في مكونها، كبيرة في ما تنجزه لنا من رغبات وأمنيات. هذا من جانب المتلقي لتلك الإجابة الإيجابية في مضمونها، لكن ماذا عن المتعهد نفسه الذي ألزم نفسه بعهود وتبعات لمجرد أنه تلفظ بكلمة نعم. السؤال الإستدلالي الذي يطرح نفسه في هذا المقام هو لماذا يصعب علينا قول كلمة لا؟ أليست هي مجرد كلمة كغيرها من الكلمات.

رغبتنا المفرطة في أن نكون مقبولين عند الآخرين، تجعل كلمة ”نعم“ على طرف ألسنتنا. فكرة أن نستخدم كلمة ”لا“، لا شك، حاضرة في وجداننا، إلا أنها ليست بنفس القوة والحضور، هذا ما يجعلها لاءً خجولة لا تؤدي عملها المطلوب في المكان والزمان المحددين. كل ذلك كفيل بأن يجعل الندم رفيقًا لنا، يلازمنا في كل مرة تتقدم ”نعم“ الجريئة في أخذ مكانة ”لا“ المترددة.

كثيرًا ما ندرك أننا برفضنا لذلك العرض أو الطلب وقولنا لا، فإننا نصيب شخصًا ما بسهم الإحباط، أو أننا نجرح شعور أحدهم أو نُغضبه. إذن هي ليست بأكثر من فكرة تحوم في مخيلتنا، بأننا في كل مرة نرفض فيها طلبًا أو عرضًا فإننا بذلك قد قد تعمدنا وضع شخص ما في موقع عدم اللياقة الأدبية أو الوقاحة الغير معلنة.

خوفنا الدائم من أن ينظر أحدًا إلينا بمنظار سلبي عند استخدامنا لكلمة لا، يثنينا ويقلل من قدرتنا على تقديم ”لا“ الخجولة على ”نعم“ المُبَادرة، ولو كان ذلك على حساب مصالحنا ومشاعرنا والتبعات السلبية التي تنتظرنا لمجرد فراغنا من نطق كلمة نعم.

معظمنا على الأغلب نعلم مسبقًا أننا بقولنا لا، لم نكن نقصد أن نكون فظّين في معاملتنا مع الآخر. جميع تلك الأحاسيس والمعتقدات هي في الواقع غير ذات جدوى، إضافة لأنها تقف عائقًا وسدًا منيعًا يجعل من الصعب علينا التلفظ بكلمة لا.

ربما الكثير يتذكر أنه في صغرنا لم نكن نتردد في استخدام كلمة لا، إلا أنه مع تقدمنا في العمر اكتشفنا أننا وقعنا في شباك ”نعم“ التي أسأنا استخدامها فكانت النتائج كارثية. هذا دون شك كان وراءه تلك التعليمات التربوية الغير دقيقة في كيفية استخدام كلتا المفردتين لا ونعم. للأسف احتفظنا بتلك التعليمات والأفكار إلى أن كبرنا ومن ثم أورثناها الى أبنائنا وبناتنا الذين سيعيشون نفس المعاناة إذا لم يفعلوا شيئًا لتصحيحها.

إذا كنت بقولك نعم لبعض الأفراد أو الجماعات، ستعيش في حالة من الإستياء والتوتر والألم، فإنه من الأجدر بك أن تقول لا في المقام الأول وتريح نفسك من كل تبعات ذلك القرار وأعراضه السلبية التي سترافقك لوقت عصيب قد يؤثر على حاضرك ومستقبل حياتك.

التعقيبات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
التعليقات 1
1
محمد جاسم
[ الأحساء ]: 15 / 2 / 2019م - 1:19 م
أحسنت أستاذنا

ندمت كثيرآ لعدم قول لا في بعض الحالات.
فقولي نعم تسبب في تصدع بغض علاقاتي الاجتماعية بينما قول لن يؤثر في علاقاتي هذه.

الآن أقول لا للحفاظ على ما بقي من علاقاتي.