آخر تحديث: 25 / 4 / 2024م - 1:22 م

مسكن السعادة

عبد الرزاق الكوي

فكرت مطولا في الكتابة عن جيل المستقبل وامل المجتمع احبابنا الشباب، وأهميته ودوره المهم في الحياة الاجتماعية بشكله الإيجابي والسلبي، تأنيت قليلا فهذا الشاب كان طفلا وعاش مرحلة الطفولة ولها تأثيراتها في بناء شخصيته، وقبل ذلك كان نتاج زواج كان لهذا الزواج ثمرة ووجود هذا الطفل وتشكيل شخصيته، فالزواج هو الأساس وهو من القرارات الصعبة ويعتبر اهم قرار يتخذ في الحياة، فهذه الشراكة العظيمة ألذي حث عليها الاسلام ليست بالسهولة فإرتباط شخصين عاشا بيئتين وظروف وعادات وصفات شخصية مختلفة، بناء أسرة بدون تخطيط مسبق وبحث دؤوب وتحري مطول، لينال نتيجة عمرا مديد من السعادة والهناء، الولد والبنت والأسرتين ان يفكرا كثيرا قبل الأقدام على الارتباط، بعيدا عن العاطفة والانجذاب للمظاهر، وتغليب عوامل الجمال على الدين والخلق، فالزواج بإعتباره سكن وعش للسعادة وراحة للبال، لها أساس وشروط تحافظ على وجوده وقوته واستمراريته، فالمسافر لايام معدودة يجهز لسفره مهما تعددت سفراته، واكتسب خبرة في السفر، بناء منزل يحتاج الى تخطيط مسبق وتفكير مطول واستشارات متعددة، وتأثيث هذا المنزل يبدل من اجله الجهد والبحث والسؤال لافضل الأثاث، والطالب اذا أراد النجاح بدل الوقت وسهر الليالي من اجل تفوقه، وقس على ذلك الكثير من الامور الحياتية الذي تعتبر اقل اهمية من الزواج وتكوين أسرة تقدر ان نقول عنها مسكن السعادة، هذا الأساس يعتبر فاعله مثاب على اتمامه والمحافظة عليه، وسنة من السنن الذي دعا لها النبي ﷺ، وارتباط روحي فيه إكمال للدين، كماله ببناء أسرة صالحة ومجتمع فاضل، تدوب فيه روحين بالحلال، يكون نتاجها براعم السعادة، يكونون فيه صالحين لأنفسهم وذخرا لوالديهم وخيرا لمجتمعهم، في ظل محبة وتراحم وانسجام هذه الشريعة الذي قدر ما تعظم بقدر ماتسمو أهدافها وغاياتها.

فالبحث الجاد والمتأني في اختيار الشريك المناسب من الأهمية الذي لا تقارن بأهمية اخرى، من اجل حياة ناجحة كريمة سعيدة، فالسؤال قبل التقدم للخطبة ضروري، ويبقى السؤال المهم هو عن الدين والخلق، وهناك ملاحظة مهمة وخطيرة لا يمكن تجاوزها، يبحث الشاب عن زوجة ذات خلق ودين ومحافظة، ولكن الشاب غير ملتزم دينيا، فعلى الأسرة والبنت الانتباه لهذا الامر، ففي الزواج يمكن ان تتعرض او تجبر على فعل المحرمات او السكوت عنها، مما يعرض حياتها الزوجية للخطر او الصبر والشقاء. وتأتي الامور الاخرى وهي اختلاف العادات والصفات الشخصية للطرفين، ومدى توافق هذه الامور والاختلاف فيها، مسألة الجمال تشكل حيز من التفكير وهي درجات ولكل مواصفاته، ولهذا احل الشرع النظر قبل الخطبة، ومن المؤكد تعرفت الأسرتين على بعضهم بحيث من الأهمية ان تطرح الامور بصراحة وشفافية وصدق، من المستوى التعليمي وتقارب مستواهم التعليمي، الفارق العمري، المواصفات الرئيسية للبنت والولد، الحالة الاجتماعية للطرفين، ان تكون البنت تعيش حياة ميسورة ومرفهة لا يستطيع الزوج توفير هذا المستوى المعيشي، الصفات الاخرى لا يكون بخيلا او عصبيا او صفات من الصعب تغييرها ومن الصعب تأقلم الاخر معها، جاهزية البنت للقيام بمتطلبات الحياة الجديدة من اهتمام بالزوج والبيت ونظافته وترتيبه، وغيرها من الامور الكثيرة فلكل طرف متطلباته الخاصة، عليه طرحها قبل الزواج، حتى يتيقنوا انهم باستطاعتهم التأقلم مع الاختلافات في شخصيتهم، والوصول لنقطة التقاء تذوب في الاختلافات صغيرها وكبيرها، ففترة الخطوبة الرسمية تناقش جميع الامور الذي ذكرت سابقا بين الزوجين، برغبة صادقة بالوصول لبر الأمان بشفافية وصراحة وتلقائية وعدم التصنع، حيث للأسف عند الكثير تكون هذه الفترة فترة مجاملات وتكلف وتخلي عن التلقائية، ومحاولة تقديم وإبراز شخصية اخرى، ذات ملامح مختلفة ومع الزواج الرسمي ينكشف المستور، وتبدأ المشاكل ولا تنتهي اما صبرا مرا او ابغض الحلال.

فالوجه الحقيقي والشخصية الواضحة ومانريده من الشريك في حياتنا المستقبلية من المهم ظهوره بوضوح اثناء مرحلة الخطوبة، ويريحنا من معاناة قد تطوال وتؤثر ليس على سعادتنا، بل سعادة الأجيال القادمة وبالتالي على المجتمع باكمله.

فلننسجم بافكارنا وتتوافق نفسياتنا، وليكن شعارنا الصدق في القول، وعطاءنا المحبة، بالثقة تدوم الحياة، ويقيننا ان لا احد مثاليا في كل شي، فلا نتوقع الكمال من الطرف الأخر، توجد إيجابيات وسلبيات نشجع استمرار الإيجابيات والمحافظة عليها، ونعالج السلبيات لتدوم المحبة، فاختلاف وجهات النظر سمة الانسان لنعتبرها ثقافة تحتاج مناقشة، والوصول لنتيجة، وقواسم مشتركة بمنطقية وعقلانية وواقعية والمهم بالحب يكون مسكن السعادة.