آخر تحديث: 19 / 4 / 2024م - 1:33 ص

مشكلةٌ وليست ظاهرةً

دكتورة لمياء عبدالمحسن البراهيم * صحيفة الرأي السعودي

تم إيقاف برنامج «مع داوود» بعد ست حلقات من عرضه، وكان من أسباب امتعاض البعض بخصوصه أنه ناقش مشاكل لم تصل بحجم الظاهرة ويرونها مسيئةً لسمعة الوطن، بينما لم تناقش قضايا تأثيرها كبيرٌ ومؤثرةٌ على شريحة كبيرة من المواطنين.

رجعت بي الذاكرة عندما ناقشنا ظاهرة التحرش في ملتقى نسائي بمبادرة استباقية من إمارة القصيم، متمثلة في مجلس فتيات القصيم، برعاية حرم أمير القصيم فيصل بن مشعل بن سعود - عبير المنديل - في عام 2018، وذلك بعد إقرار قانون منع التحرش، وكان هناك معارضة من البعض لنفس السبب، أن التحرش لا يعد ظاهرة ولا يستحق تخصيص مناقشة بخصوصه، إشارة عن الخوف من الوصمة الاجتماعية بسبب التعرض لموضوع حساس، وإن كان لا ينكر وجوده في جميع المجتمعات.

بملتقيات صحية حضرتها لمناقشة مرض «السيلياك» حساسية القمح، وآخر لمرضى «التصلب اللويحي المتعدد» وهما من الأمراض النادرة بنسبة 2في المائة للمرض الأول في السعودية، وتقريبا 10000 حالة تصلب لويحي، والذي لا يقارن بعدد المرضى المصابين بالأمراض الشائعة مثل السكر والسمنة والضغط وغيرها من الأمراض التي اهتم بها النظام الصحي في السعودية، وخصص لها البرامج بموارد مالية عالية لمحاولة التحكم فيها لتحقيق الأهداف الصحة ومواءمتها مع منظمة الصحة العالمية التي كانت تشتكي سابقًا تجاهل الجهات الصحية والاجتماعية والإعلامية لمشاكلهم الصحية وتأثيرها على الحياة العامة.

من هنا نتساءل هل نتجاهل المشاكل غير الشائعة لأن قضاياها حساسة ولا تهم شريحة كبيرة مهما كان ضررها وتأثيرها على من يعاني منها والمقربين منه.

هل الإعلام الرسمي والوزارات والهيئات الحكومية تعنى بتداول المشاكل الشائعة فقط؟ ومن المعني بمشاكل الفئات المتضررة الأخرى التي لا تهم الكثير.

ما هو تعريف الظاهرة، أو ليست الظاهرة كانت بذرتها مشكلة تفاقمت في الشدة وعدد الحالات والمضاعفات حتى تحولت لظاهرة.

ساهم وجود وسائل إعلام جديدة مثل «تويتر والفيس بوك واليوتيوب» في طرح المشاكل التي لم تصل لظواهر، ومنها مشاكل المهمشين والمنبوذين والمرضى بأمراض نادرة، وقد حمل ذلك جانبًا إيجابيًا في تسليط الضوء على قضايا لم تكن معروفة أو متداولة أو لم يكن من المقبول تداولها، لكننا نعود ونقول بأن طرح تلك المشاكل بطريقة عشوائية أو من خلال مداخلات غير مدروسة سنجدها تسيء أكثر مما تعالج، وسنجد أيضًا بأنها تفتح الباب للتدخل الأجنبي في التحريض على قضايا لا شأن لهم فيها.

لذلك نقول: إن الوقاية خيرٌ من العلاج، وعلينا طرح مشاكلنا مهما كانت صغيرة، وعلينا احتواؤها «حكومة وشعبًا» وعلى الجهات الرسمية أن تتيح الفرصة لمناقشة القضايا كافة، من خلال أصحابها وإرشادهم ومساعدتهم بحسب أحقيتهم من خلال الأنظمة المتاحة وتحسين الإجراءات المتبعة لاستيعابهم في حضن الوطن الذي يشمل باهتمامه جميع أبنائه وبناته.

استشارية طب أسرة
مستشار الجودة وسلامة المرضى
مستشار التخطيط والتميز المؤسسي
كاتبة رأي