آخر تحديث: 29 / 3 / 2024م - 11:37 ص

قراءة في أدب الروائي ليو توليستوي

علوي الرمضان

ما يميز عملاق الأدب الروسي ليو توليستوي في تقديري، هو إعطاؤه فسحة من الفضاءات التأويلية للقارئ تمكّنه من التبحر والغوص في عالم من التأويلات والتفسيرات المحيرة من جهة والمثيرة من جهة أخرى. وبعبارة أخرى توليستوي يجعل للقارئ الناقد فرصة لتكون له قراءة نقدية خاصة به ومختلفة عن القراءات الأخرى للرواية، وهذه القراءات والتأويلات لا تستطيع أن تُلزم بها توليستوي. واذا سأل سائل ما الفائدة من جعل الرواية تحمل تفسيرات وقراءات مختلفة تكون متضادة فيما بينها أحيانا بشكل كبير وشاسع؟؟

والإجابة في تصوري لأن ذلك هو ما يموضع الرواية في موضع النقد المستمر والذي يجعلها متصدرة المشهد لسنوات طويلة وبعدة أشكال، وبطبيعة الحال لا يفقد الرواية بريقها. ولأن الأعمال الروائية بشكل خاص والأدبية بشكل عام بعد إبداع مؤلفها لا يمكن لها البقاء والديمومة إلا بتناول النقاد لها بالدراسة والنقد والتحليل جيلاً بعد جيل.

هنا سأعطي مثالا سريعا يوضح ماأريد تبيانه فيما يتعلق بفسحة الفضاءات التأويلية وليكن المثال هو الحوار الذي دار بين آنا كارنينا وزوجها إليكسي «في رواية آنا كارنينا»، عندما كشفت آنا كارنينا أمر خيانتها لزوجها وأنها على علاقة غرامية مع الضابط فرونسكي. هنا يعلق زوجها على ذلك بقوله لها بأنه لا يستطيع أن يتحكم بعواطفها وانفعالاتها من حب وكره فهذا خارج عن إرادته وإرادتها، لكن لا يوجد حل لذلك وعلى آنا كارنينا بأن تحافظ على الرباط المقدس بينهما. وفي ذات الوقت، كانت ردة فعله هادئة ولم تكن له ردة فعل قاسية حيالها. والتساؤل الذي يمكن أن يتبادر إلى ذهن القارئ هو هل أن توليستوي أراد أن ينقد النظام الديني المسيحي الخاص بهم على لسان إليكسي في عدم إعطائه حل من هذه المعضلة والذي تتمثل في إمكانية الطلاق ومن ثم الزواج من الضابط فرونسكي؟؟!. أم أن ليو توليستوي يريد أن ينقد النظام الاجتماعي الطبقي الذي لزم أطراف بالزواج من أطراف أخرى، نظرا للمصالح الاجتماعية والاقتصادية التي تجمعهم وما إلى ذلك بالرغم من عدم الانسجام النفسي والأخلاقي في بعض الأحيان؟؟!. أم أن توليستوي يريد أن يبين على لسان الزوج أليكسي بضرورة تغليب التدين على العواطف الثابتة أو

المتقلبة والآنية أحيانا مهما عصفت بالإنسان المشاعر.... إلخ.