آخر تحديث: 19 / 4 / 2024م - 2:22 م

الخطوط السعودية الواقع المر

علي جعفر الشريمي * صحيفة الوطن

في خضم التنافس الحاد بين شركات الطيران، قررت الخطوط السعودية قبل أيام إيقاف أو تقليص الوجبات المقدمة عن 15 وجهة دولية لركاب الدرجة السياحية

ما لا يعرفه كثيرون، أن قوانين السلامة في شركات الطيران العالمية تتطلب عدم تناول طاقم الطائرة وجبة طعامهم من مصدر واحد، أو نوعية واحدة، خوفا من التسمم، أو لتقليل نسب الإصابة بأي مرض، بل وتتنافس شركات الطيران العالمية اليوم لتقديم أفضل الأطباق الجوية، وأكثرها تنوعا، وتتحول بعض الخطوط الجوية إلى مطعم 5 نجوم مع مواصفات عالمية، حتى أن هناك مطبخا للدرجة الأولى، وآخر لدرجة رجال الأعمال، ومطبخ للدرجة السياحية، ومطبخ خاص لطاقم الطائرة، وهناك تنافس قوي بين الخطوط الإمارتية والعمانية في تقديم الوجبات، إذ ذكر موقع ”ديلي ميل“ البريطاني أن عشاء الدرجة الأولى ودرجة رجال الأعمال، وطاقم الطائرة لكل الرحلات لهذه الشركات الخليجية يبدأ بالكافيار، تليه المقبلات مثل حساء القرع الشتوي وشوربة الخضار، ويشمل الطبق الرئيسي لحم فيليه بقري، وسمك السلمون مع طماطم الكرز، وصلصة الزيتون، إضافة إلى العرض المكون من صحن شيش كباب والأرز والحمص على البخار مع الصنوبر والبامية الموسمية، ثم الحلوى المكونة من جاتوه شوكولاتة أو البقلاوة.

في خضم هذا التنافس الحاد بين هذه الشركات، قررت الخطوط السعودية قبل أيام إيقاف أو تقليص الوجبات المقدمة عن 15 وجهة دولية لركاب الدرجة السياحية الذين تكون رحلتهم من الساعة ال12 مساء إلى ال10 صباحا، إذ ستتحول من وجبات ساخنة إلى وجبات ال ”سناك بوكس“، وإلغاء تقديم الساندويش والفواكه لطاقم القيادة في جميع الرحلات الداخلية بين المحطات الرئيسة التالية ”جدة، الرياض، الدمام، المدينة“، وإلغاء الوجبات الساخنة لطاقم القيادة على جميع رحلات أوروبا التي تكون من الساعة ال3 إلى الساعة ال6.

ولذلك ليس من المستغرب أنه لا وجود لنا ضمن قوائم شركات الطيران الخمس أو الأربع نجوم، التي تتنافس فيما بينها منذ أكثر من عقد من الزمن مثل خطوط اثي باسيفيك، والخطوط الماليزية، والسنغافورية والقطرية والإمارتية والشركات الأوروبية والأميركية، والخليجية والكورية.

المسألة في واقعها لا ترتبط فقط بإيقاف أو تقليص الوجبات الغذائية، بل ترتبط أيضا بإيقاف شركة الخطوط السعودية ترقية نحو 500 موظف طالبوا الشركة بحقوق وظيفية عبر دعاوى قضائية صدرت في بعضها أحكام نهائية واجبة النفاذ.

في نظري، أن هذا التخبط في إيقاف الترقيات ل500 موظف يشبه دخول مباراة ملاكمة معصوب العينين، وهو يعود إلى العجز الإداري الذي أصاب المسؤولين في الشركة، وغياب الإستراتيجيات والخطط الاستباقية لإدارة الأزمات، وغياب سياسات الترقي الوظيفي العادلة.

لماذا لا نتعلم من اليابان؟ في حالة النمو الاقتصادي تطبق معظم الشركات اليابانية نظام ترقيات قائما على الأقدمية فقط، فجميع الموظفين مؤهلون لصعود السلم الوظيفي، والإنجاز لا يُحسب للموظف بل للمجموعة التي ينتمي إليها. هذا في حالة النمو الاقتصادي، أما في حالة الانكماش يتم التشجيع على التقاعد المبكّر لموظفيها بعد مضي 20 سنة من الخدمة.

أخيرا أقول: الخطورة في قرارات كهذه، سواء إيقاف الوجبات أو الترقيات، مفاده نزع ثقة المسافر في الخطوط السعودية، الأمر الذي يعطي انطباعا سلبيا يضر بسمعة البلد ذي الموقع الإستراتيجي، والذي يؤوي الملايين من الجنسيات المختلفة، ولطالما تحدث كثير من الكتاب والإعلاميين حول هذا المرفق الهام، ولكنه لم يطرأ أي جديد؛ لأنه - كما يبدو - ”لا حياة لمن تنادي“، فمن المنقذ؟.