آخر تحديث: 23 / 4 / 2024م - 4:55 م

وانكسفت الشمس

جاسم المشرف

أشرقت على الكتابة كالصبح واثقة الخطى واضحة الرؤية عارفة بقدراتها معتزة بذاتها، وسرعان ما انكسفت كسوفا لا صلاة الآيات تعيدها ولا مناجاة الضارعين تستردها.

غابت عن عالمنا لتشرق في عالمها الآخر.

لم يستفزها شبق الأضواء لأن تتزلف لهذا أو تتقرب لذاك، ففيها من الثقة والشموخ وعزة النفس ما يكفي لتزهد في زيف الشهرة والظهور.

فيها من الصدق والوضوح ما يكفي لتحس بنبض رأيها وموقفها، وفيها من الصفاء ما لا يحتمل كدورة التحامل على أحد.

بقيت صامدة متحملة عناء همها ومرضها، تبتسم لتخفي وراء ابتسامتها ما لا يحتمل من وجع.

لم تشغلها الكتابة الصحفية والقصصية ومتابعة المشهد الأدبي والثقافي عن الثوابت الدينية الواعية التي نشأت ودرجت عليها.

شمس علي أنموذج للفتاة التي انفتحت على الحياة بمسؤولية واقتدار بوعي وبصيرة، تعاملت مع موهبتها كهبة إلهية تقتضي الشكر، الشكر في أن تكون كما يليق بجوهرها النفيس لا كما تقتضيه متطلبات الحضوة لدى الآخر من أي كان وبأي ثمن بخس.

لم تكن تتحرك وفق متطلبات العمل الصحفي الصرف الذي يلهث وراء السبق دون أن تستوقفها الأحداث وتتأملها..

حينما كنت مشرفا على إدارة أحداث العمل الإرهابي بالدالوة والعنود كانت تتواصل معي تواصل الأخت المواسية لا الصحيفة الحريصة على تقديم ما يلفت المتلقي، وإن كان ما قدمته ملفتا وفريدا.

ترسل لي بين الفينة والأخرى بعض ما تنشره وما كتب عنها فأبدي ما لدي من رأي وملاحظة فتتقبله برحابة صدر وامتنان من انتشى بالضياء.

منذ عامين وهي تساءلني الدعاء بإلحاح من انقطع رجاؤه من كل شيء عدا الله تعالى فيأخذني الفضول عن طلبتها وأملها وألمها الذي أحسه في نبض حرفها، فألمح لها إلماحة البليغ من طرفي خفي فتنعطف بي عن همها نحو همومنا الكبرى فأفهم مرماها، حتى كشر المرض عن أنيابه بشراسة لم تعد قادرة على احتمال مقاومته فأظهر ما أخفت وأبرز ما سترت: القاصة شمس علي مصابة بالمرض الخبيث وفي مرحلة متقدمة

أعدت قرأت رسائلها فانكشف ما لم أستطيع تفسيره، وكبرت في عيني تلك التي استغرقت في التوجع على مجتمعها مؤثرة شكواه على شكواها..

أخي وصديقي زكريا أعرف أن ثمة بقعة واسعة غابت عنها شمسك ولن يضيئها شيء ولكن بعين الله ما أنت فيه، واعلم أنها هناك حيث تمهد لك ذلك الطريق الطويل بوضاءة إيمانها وصبرها «فصبرٌ جميل».

رحمك الله يا أخيه وألهم زوجك وأهلك الصبر والسلوان.

«إنا لله وإنا إليه راجعون».