آخر تحديث: 28 / 3 / 2024م - 10:36 م

هل نحن جاهزون لعودة تلك الملايين؟

فاضل العماني * صحيفة الرياض

يعود اليوم أكثر من 6 ملايين طالب وطالبة في تعليمنا العام إلى مقاعد الدراسة، حيث تستقبلهم أكثر من 35 ألف مدرسة تنتشر على امتداد الوطن، وهناك أكثر من 600 ألف معلم ومعلمة في انتظارهم، لتبدأ الحياة في شرايين تلك الغرف والممرات والملاعب والساحات التي هجرها «الضجيج» قرابة الأربعة شهور.

تعود الحياة المفعمة بالطموح والتطلع والأمل، لصناعة هذه الأجيال الصغيرة والشابة التي تُمثّل مستقبل الوطن.

والكتابة عن تعليمنا الوطني، لاسيما في مراحله الأولية، تتطلب قدراً من المعرفة والحكمة والجرأة، وقبل كل ذلك، القدرة على تحليل وتفكيك واستنطاق الكثير من الأرقام والنسب والرؤى التي تتأرجح عادة بين مدخلات التعليم العام ومخرجاته التي تحتاج للانسجام والتكامل. الكتابة عن تعليمنا الوطني، تحتاج للكثير من الدراسات والتأملات، وليس للانطباعات والقناعات.

التعليم بما يُمثله من رافعة قوية لصناعة تنموية شاملة لكل الأمم والشعوب والمجتمعات، لم يعد مجرد عناوين وفرضيات وتجارب، ولكنه أصبح منظومة متكاملة لها أدواتها وآلياتها ومقوماتها التي يُمكن تحديدها وتوجيهها وقياسها، والمدارس المتعددة للتعليم في الدول المتقدمة تؤكد ذلك بما لا يدعو للشك والقلق والغموض. التعليم منظومة شاملة من القدرات والإمكانيات والإستراتيجيات التي تتبناها كل الجهات والقطاعات، للوصول لرؤيتنا الطموحة التي تُعقد عليها الآمال والطموحات لوضع هذا الوطن الكبير في مكانه الطبيعي ضمن الدول المتقدمة والمنجزة.

تعليمنا الوطني يواجه الكثير من الصعوبات والتحديات، تماماً ككل المجالات والقطاعات التي تملك مشروعاً نهضوياً وتنموياً، ولكن التعليم باعتباره القنطرة المتينة التي تصل بنا إلى آفاق التطور والازدهار والتنمية، يُعتبر حجر الزواية في بناء الوطن.

التفاصيل المتعلقة بالتعليم في وطننا الكبير، كثيرة وكبيرة، وتحتاج للكتابة عنها في مقالات مستقلة، ولكنني سأكتفي بالكتابة عن «رقم مثير»، أدهشني حد الذهول، وأظنه سيفعل ذلك بك عزيزي القارئ.

مدارسنا تستقبل في بداية كل عام قرابة ال 400 ألف طالب وطالبة في الصف الأول الابتدائي فقط!

هذا الرقم الكبير جداً، يُثير الكثير من الأسئلة التي تبحث عن إجابات حقيقية، حول هؤلاء الصغار الذين يخرجون للتو من «شرنقة» الأسرة، تُحرّضهم الرغبة في اكتشاف سر تلك «القلاع الحصينة»، يحملون على ظهورهم الطرية كل طفولتهم وبراءتهم وشغفهم.

أسئلة كبيرة بحجم المرحلة الاستثنائية التي يتشكل فيها وطننا الحديث:

هل مدارسنا بعد طول سبات، جاهزة لاستقبالهم بالشكل والمضمون، بما يُسهم في صناعة شخصيتهم المتكاملة؟ وهل تلك «الغرف المغلقة» المكتظة بمقاعد الدرس، توفر لهم سبل الراحة ووسائل ووسائط التقنية الحديثة؟ وهل أعددنا معلم الصفوف الأولى لمثل هذه «الحشود الجميلة» التي تنتظر من يُنظمها ويوجهها ويُجيب على كل أسئلتها؟ وماذا عن تلك «الفكرة المستحيلة» التي بشّرت بإسناد التعليم الأولي للمعلمات، هل تم وأدها أم هي في طور التهيئة والتمرحل؟ وهل مدارسنا تملك رؤية واضحة تضخها بأناقة وثقة وعلم في تلك العقول والقلوب الطرية لكي نقطع الطريق على كل من يُريد تشكيلها وصياغتها وتوجيهها؟

الأسئلة كثيرة وكبيرة، وتحتاج إلى حلول تسبقها قناعات، وإلى قدرات تُسندها إمكانيات، وإلى خطط تدعمها رغبات، فهذه الأجيال الصغيرة هي من ستُحقق كل الأمنيات.