آخر تحديث: 29 / 3 / 2024م - 11:37 ص

الصندوق الصناعي.. استقلاليته و«رؤية 2030»

سلمان بن محمد الجشي * صحيفة الاقتصادية

منذ سنوات تعودت على المشاركة في برنامج تدريبي بجامعة هارفارد من ضمن البرامج التطويرية لمنظمة الرؤساء العالميين، وهو يغطي جوانب متعددة وتشتمل على دراسة حالات لكيفية مواجهة دول لتحديات اقتصادية. هذه السنة تناول البرنامج البرتغال والمملكة وما اطلعت عليه في السنوات الماضية أنه لا توجد وصفة ثابتة لمواجهة التحديات وإنما تختلف من دولة لأخرى. أعد حالة المملكة من قبل بروفيسور سبق له أن أعد مرتين مسبقا عن المملكة وعنون حالة هذه السنة ”رؤية 2030“ وبدأها بإنجازات الملك الراحل عبدالله بن عبدالعزيز  رحمه الله  وصولا لما تحقق في زمن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز  حفظه الله. الآلية المتبعة في هارفارد هي التقسيم لمجموعات يتم من خلالها نقاش الحالة من وجهة نظر المجموعة ثم يطرح للنقاش على جميع الحضور في قاعة المحاضرات.

تحدث الجميع مشيدين ب ”الرؤية“ وما تبنته، ولم يخل الوضع من انتقادات من قلة من الحضور ولكن الأكثرية آراؤهم إيجابية وأن هذه هي الفرصة الأخيرة للمملكة للخروج من اعتمادها المستمر على البترول كمصدر دخل أساس، مع التركيز على ضرورة وجود جهاز لمتابعة التنفيذ وهو ما أتمناه.

في المجموعة ونحن نتناقش حاولت أن أركز على الجانب الصناعي من منطلق عشقي له وإيماني به كحل أساس لتنويع الدخل وإيجاد وظائف دائمة ومستمرة، وأسهبت في الحديث لهم عن صندوق التنمية الصناعي ودوره وإسهامه في السنوات العديدة الماضية في وجود ونمو القطاع الصناعي السعودي ومصداقية التقارير التي يعدها في ثقة جهات تمويلية أخرى في استكمال تمويل المشروع، وأنه لتحول حلم ”الرؤية“ فيما يخص الجانب الصناعي إلى واقع يجب الاستمرار في دعم الصندوق الذي لمسناه من خلال قرار ربطه تنظيميا بوزارة الصناعة بدلا من وزارة المالية وزيادة رأسماله ليستطيع تلبية الطلب المتزايد من المستثمرين الصناعيين. قاطعني أحد الزملاء إذا هو كما ذكرت والدولة دعمته سائلا ما التحدي الذي يواجهه إذا؟ أجبته أعطني الفرصة لأضيف أنه مركز تدريبي متميز للعاملين فيه، وأوصلهم ذلك لمراكز متميزة في القطاعين الخاص والعام، أما خوفي فله عدة أسباب أولها أنه أخيرا أطلق الصندوق الوطني للتنمية ليكون هو مرجعية للصناديق التنموية المختلفة والخوف هنا أن تتداخل القرارات وتتعارض مع ما يناسب القطاع الصناعي، وأود أن يكون تركيز الصندوق الوطني للتنمية على أمور تنظيمية تشمل الحوكمة كمثل، والتأكد من عدم صدور قرارات من الصناديق المختلفة تتعارض بينها كمثل، ولا يتدخل في الأمور التنفيذية لعمل الصندوق الصناعي، وأود أن أذكر أن الصندوق يعمل بآلية تجارية تحقق عائدا ماديا مباشرا على الأموال المستثمرة من قبل الدولة كرأسمال.

ما أتمناه هو دعم استقلالية الصندوق كجهاز قائم بذاته وعدم ربطه ماليا بأي جهة أخرى إلا فيما يخص الحوكمة وترك كل الأمور الأخرى في يد مجلس إدارته، وأضيف أنه عندما تم تأميم ”أرامكو“ من الشركات الأمريكية كان هناك إيمان من مسؤوليها في وقتها بضرورة استقلاليتها المالية والإدارية، وأن تمثل الدولة في مجلس الإدارة مع الالتزام بدفع الضرائب الموجبة وتوزيع فائض الدخل عن المصاريف وترك الشركة تعمل باستقلالية داخلية وهذا السبب في وجهة نظري وكثيرين هو الأساس في نجاح ”أرامكو“ وتميزها، ويشكر من عمل على ذلك من إدارة ”أرامكو السعودية“ في وقتها، آمل وآمل وآمل أن يتذكر نجاح ”أرامكو“ وتميزها من خلال استقلاليتها حين دراسة أي قرارات تخص صندوق التنمية الصناعي.