آخر تحديث: 20 / 4 / 2024م - 2:34 ص

الاحترام.. الاستفزاز

محمد أحمد التاروتي *

مبدأ الاحترام ينطلق من احترام الذات اولا، باعتباره مدخل أساسي في وضع اليات مناسبة، لطريقة التعامل مع الاخر، فالمرء الذي يضع ضوابط في سلوكياته مع الطرف الاخر، يرسم خطوطا حمراء في طريقة التعاطي، الامر الذي ينعكس إيجابيا على مختلف التعاملات، وبالتالي يجعل مختلف الاطراف تتعامل بطريقة محددة.

فرض الاحترام يبدأ من التقيد بالقواعد المرسومة، من مختلف الاطراف، فالانسان الذي يتجاوز تلك القواعد يواجه بسلوكيات مماثلة، ”“ اذا كان بيتك من زجاج فلا ترم الناس بالحجارة ”، بمعنى اخر، عملية الاحترام متبادلة، وغير مقصورة على طرف دون اخر، فالطرف الذي يحاول انتقاص الاخرين، سواء بالقول او الفعل يجد الجواب الرادع، خصوصا وان عملية اكتشاف النواقص ليست صعبة، وبالتالي فان محاولة الظهور بمظهر الفضيلة، والطهارة لا تستمر طويلا، نظرا لوجود أطراف لديها القدرة، على نبش الماضي والوصول الى المستور،“ لسانك لا تذكر به عورة امرئ **** فكلك عورات وللناس ألسن ".

محاولة استفزاز الاخر، تكشف عن انحطاط كبير في المستوى الاخلاقي، فالمرء الذي يحترم ذاتيه يحاول كسب ود الاخرين، من خلال الالتقاط عند القواسم المشتركة، حيث يحرص على تحاشي الدخول في مواضع الخلاف، لتفادي قطع حبل الود القائم مع الاخر، لذا فانه يكون دقيقا في اختيار الكلمات، للحيلولة دون اثارة حفيظة الطرف المقابل، فضلا عن تجنب الاعمال التي تستفز الاخر، بينما هناك شرائح اجتماعية تفنن في استفزاز الاخرين بطرق مختلفة، الامر الذي يجعلها محل استنكار شديد، من مختلف الاطراف الاجتماعية.

إطلاق الألقاب غير المناسبة، او اختراع مسميات غير لائقة، تنم عن سلوك غير اخلاقي، وتعكس صورة القيم التي يحملها البعض، فهناك شرائح اجتماعية لا تفوت الفرصة، في استفزاز الاخرين، حيث تعمد لإطلاق بعض المسميات، على الطرف الاخر، بمجرد نشوب خلاف، او حصول اختلاف في وجهات النظر، فهي تحاول من خلال هذه السلوكيات اظهار القدرة على المواجهة، وامتلاك القوة للتصعيد المباشر، مما يدفعها لرفض مختلف النداءات الصادقة، لإعادة الامور لسابق عهدها، فضلا عن تسخيف الأصوات العاقلة لإنهاء الخلاف، واعادة الصفاء والوئام مجددا.

اختراع الألقاب غير اللائقة على الاخر، لا تضر الطرف المقابل، بقدر ما تعري الطرف البادئ، فالمراقب قادر على تمحيص الحقيقية، بعد هدوء غبار المعركة القائمة، بمعنى اخر، فان اللجوء الى ”التنابز بالالقاب،“ يكشف ضعف الحجة، وعدم القدرة على مقارعة الحجة بالحجة، الامر الذي يعطي صورة واضحة عن طبيعة السلوك غير الاخلاقي، فالطرف الذي يتخذ المسميات غير اللائقة، يفقد احترامه وتقديره لدى مختلف الاطراف، لاسيما وان الصوت المرتفع لا يعني امتلاك الحق، بقدر ما يكشف عن الضعف، وعدم القدرة على سحب البساط، من تحت اقدام الطرف الاخر.

الابتعاد عن الاستفزاز في الخلافات الاجتماعية، مرتبط باحترام الذات من جانب، والحرص على الالتزام بأدب الاختلاف من جانب اخر، الامر الذي يمهد الطريق امام لإزالة أسباب التباعد، والالتقاط عند نقاط مشتركة، مما يعني عودة التماسك الاجتماعي، وتجميد الخلافات بشكل كامل.

كاتب صحفي