آخر تحديث: 29 / 3 / 2024م - 4:57 ص

رمضان والغش التجاري

علي جعفر الشريمي * صحيفة الوطن السعودية

ما زالت قصص التزوير والغش المتنوعة في مجتمعاتنا تطفو على السطح ما بين فترة وأخرى، فنجد تغريدات وهاشتاقات في وسائل التواصل الاجتماعي تتحدث عن كثير من الأسماء اللامعة العاملة في بعض القطاعات الحكومية وغير الحكومية، التي تحمل شهادات تعليمية وهمية ومزورة من جامعات غير معترف بها أو لا وجود لها.

بالطبع ليست المشكلة كل المشكلة في تزوير الشهادات بحد ذاتها، ولكن المشكلة في بعدها الأعمق، هي في تأصيل مشكلة الغش والخراب الذي ينشأ عنه الفرد من الصغر وحتى الكبر، وعليه التهاون في هذه المسألة الأخلاقية، مثله مثل كثير من الأشياء التي تنمو وتتجذر مع مرور الزمن، وتتحول إلى حق مكتسب يشعر فيه الفرد بأنه جزء من استحقاقاته ولا يلام في السعي خلفه.

وتتفاقم هذه الظاهرة في شهر رمضان المبارك، وىستغلها التجار في هذا الموسم لھدفىن رئيسيين؛ الأول رفع الأسعار بطريقة مبالغة؛ والثاني تسوىق المنتجات التي شارفت على الانتھاء أو المتكدسة وبيعها بنصف القيمة، ولذلك تجد كثرة العروض التجارية في الشهر الفضيل والتي لا تخلو من التزوير والغش.

ومن الظواهر المتكررة في هذا الشهر بيع مياه زمزم في الشوارع والطرقات والمساجد وفي بعض الأكشاك والمحال التجارية، ولطالما تحدث المسؤولون في الأمانات وصرحوا بأن هذه المياه غير صالحة للاستهلاك البشري، وقد صدر قرار بمنع تداولها وبيعها.

في الحقيقة ما يقوم به البعض من بيع لهذه النوعية من المياه في المدن السعودية، مستغلين مناسبة شهر رمضان، وسذاجة البعض الآخر، من طالبي الأجر، لا يختلف عما يقوم به غيرهم من تجميع للأموال بأكثر الطرق جهنمية، وأيضا مستغلين هذه المناسبة الدينية لتحقيق كسب سهل. وعليه فإن وزارة التجارة والأمانات عليهم مسؤولية إرسال رسائل تحذيرية للمواطنين عن طريق وسائل التواصل الاجتماعي ورسائل sms المجانية، فغالبية هؤلاء إما لا يقرؤون أو لا يكترثون للتصريحات الرسمية.

كذلك يجب على المواطن قبل التاجر أن يدرك حجم الجهود المبذولة لأجل حمايته، من قبل الأجهزة الرسمية في مقدمتها جهود الهيئة السعودية للمواصفات والمقاييس والجودة وغيرها من الأجهزة ذات العلاقة، وأنه لا جدوى من دون تعاونه معها، وأن على عاتقه مسؤولية لا يقل حجمها عن حجم المسؤولية الملقاة على عاتق تلك الأجهزة، وأن عليه أن يحارب كافة أشكال الغش والتزوير، فهو الضحية المستهدفة من قبل تجار الفساد.

مع كل ذلك أعتقد أن حلول المشكلة ليست كلها رقابية بحيث تتطلب تكثيفاً لأعضائها، بل هي مشكلة أخلاقية تتطلب علاجاً جذرياً طويل المدى، مشكلة تحتاج مواجهة حقيقية مع المجتمع وفهما عميقا لآلية عمله والتي أوصلته لهذه المنطقة، منطقة الكسب السريع على حساب الأخلاق والقيم الإنسانية.