آخر تحديث: 28 / 3 / 2024م - 7:46 م

تغير مفاجيء

لحظة تغير مشهد العلاقة بين الزوجين وتحوله إلى أجواء مناكفة وعناد ومشاحنات، فذاك الهدوء والاستقرار يتقشع ليكشف عن واقع لا يطيق معه الزوجان حالة الاختناق النفسي من هذا الواقع المستجد، ولعل تكرار المشاكل والخلافات بدون معالجة يشكل تراكما سلبيا ويصنع جدارا يمنع التواصل العاطفي بينهما كما هو في السابق، فأين يكمن الخلل الذي غير علاقتهما واتجه بها نحو هذا الحال المؤلم؟

مقومات الحياة الزوجية السعيدة والناجحة تبنى على أساس التفاهم والانسجام والمحبة والثقة المتبادلة، ومع افتقادها لأحد هذه الأسس سيشكل ذلك خللا في علاقتهما ويدخلهما في متاهة الخلافات وسوء الفهم، والمشاعر العاطفية الدافئة لا تعني مجرد كلمات يخلو القلب من الإحساس بها، ولكنه تقدير المواقف والإعجاب بخلق وتعامل وطريقة تفكير الآخر، فالمحبة الحقيقية نسيج متراكم من مواقف متكررة يحظى فيها بأنس وارتياح شريك الحياة، والاهتمام بشأن الآخر وجعل إسعاده غاية يعمل من أجلها يديم الألفة والحب بينهما، كما أن احترام شخصيته وعدم التجاوز على رأيه أو خصوصياته يبقي الصفاء وأجواء المحبة بينهما، والطريقة الصائبة في معالجة أي خلاف ينجم بينهما عن طريق الحوار الهاديء يجنبهما ويلات العناد والمناكفات، والمفاجأت والهدايا أعظم رسالة تنبيء بالمكانة العالية له في قلب شريك حياته، وليس مهما ذاك الثمن المادي ولكنه الشعور بمحبة شريك الحياة وأنه لا يغيب عن باله في كل الأحوال والظروف ويقدر عاليا دوره الفعال في حياتهما المشتركة.

وهذا الدفء العاطفي لا يجري على وتيرة واحدة ولكنه نهر الحب الذي ترفده مياه الاهتمام والانسجام والكلمات الصادقة المعبرة عن مكنون مشاعره، ومتى ما وقعت المشاكل بدون صراخ وتوتير وعناد وتفكير بتصفية الحسابات وتحقيق انتصار وهمي على الآخر فالاستقرار سيظللهما مرة أخرى.

وفي المقابل فإن المواقف غير المسئولة وإهمال الآخر والدخول معه في مشاحنات ستشكل ظروفا ومناخا من خفض منسوب المشاعر العاطفية بينهما، ويبدأ الإحساس بحالة من البرود العاطفي حتى يصل الحال بهما مع تكرار الخلافات إلى نشوء الصمت وتسيده لمشهد علاقتهما، فهذا المعيار المتحرك ارتفاعا وانخفاضا واستشعاره عند التأمل في علاقته الزوجية وتقييمها والعمل على تجاوز أي خلاف، يزوده بقراءة متأنية تشير إلى مواطن الخلل ليسارع بمعالجتها قبل أن تستفحل وتتجذر.

العلاقة العاطفية بين الزوجين منظومة من الاهتمام والرعاية والشعور بحاجات شريك الحياة النفسية والعاطفية والتعامل الأخلاقي المتصف بالاحترام والتسامح، ولغة التفاهم الهادئة لمناقشة أي خلاف بينهما رسالة حب وتقدير.

ومن تلك العوامل المؤدية لحالة التغير المفاجيء بين الزوجين آفة الروتين والنمط الواحد من المعيشة، بما يصيبهما بالملل وتكرار المشهد في علاقتهما، وكسر الروتين لا يتطلب الشيء الكثير أو المصاريف الزائدة، بل يكفي مجرد التغيير في إجازة نهاية الأسبوع بالخروج عن أجواء المنزل مما يخفف عنهما أعباء ضغوط الحياة.

ومن عوامل برود العلاقة بينهما التدقيق المستمر لكل هفوة أو زلة وكأنه مسئول إحصاء لكل شاردة وواردة، والوقوف المطول عليها في حديث ساخن مع شريك حياته قد يتطور إلى ما لا يحمد عقباه، ولذا فإن من أبجديات العلاقات الزوجية الناجحة التغاضي عن بعض الأمور البسيطة والموازنة بينها وبين الإيجابيات الكثيرة في شخصيته ومواقفه الجميلة معه.