آخر تحديث: 23 / 4 / 2024م - 7:29 م

العنف ضدّ المرأة جحيم معاصر

ليالي الفرج * صحيفة الرأي السعودي

بالرغم من قلة الدراسات التي تستقصي واقع العنف ضدّ المرأة كظاهرة فتّاكة، إلاّ أنّ ما تَوَفّر من نتائج مجموعة من الأبحاث، يوضّح ارتفاعًا ملحوظًا في معدلات العنف ضدّ المرأة في مجتمعاتنا الخليجية.

فالعنف مصطلح واسع التداول، يشير إلى نمط من أنماط السلوك الإنساني، ويتسم بإلحاق الضرر الماديّ أو المعنوي من جانب طرف على طرف آخر، ويلحظ هذا النمط السلوكي في تعاملات البعض مع المرأة: زوجةً أو أمًّا أو أختًا أو بنتًا، في العلاقات الأسرية غالبًا، ولعلَ تنامي موجات العنف الأسري التي تواجهها الزوجة، هو من أوجه الهدم الشديد الذي يتعرض له البناء الأسري في وقتنا المعاصر.

فأمام تنوع أشكال العنف الذي يغتال سعادة الأسرة، حيث تكثر صِوَرُهُ المزرية عبر تعنيف جسدي أو اقتصادي أو لفظي أو نفسي أو صحّي، تبدو الحلول العلاجية المتاحة حتى هذه اللحظة غير قادرة على كبح هذا الانفعال اللا إنساني، وهذا يأخذنا نحو ضرورة إيجاد مستوى آخر من المواجهة مقابل هذه الظاهرة التي يحرمّها الدين وترفضها القيم وتتوقّاها الأخلاق.

إنّ المرأة في مجتمعاتنا غالبًا ما يكون خطّ دفاعها ضعيفًا أمام قوة الرجل بكلّ معانيها، بالإضافة إلى استغلال كثير من المُعَنِّفين للحالة التي تبديها المرأة في المجتمع المحافظ، إذ تتوقى أن تنتشر المشكلة أو الخلاف خارج محيط الأسرة، لما تنشده من ستر، فينتج قلق عند الزوجة وخوف من نشر مشاكلهم - في أيامنا هذه - عبر الألياف الضوئية من حبال الغسيل الإلكتروني.

خلال الشهر الماضي، حادثة انتحار زوجة في بلد خليجي، طالما تحملت - رحمها الله - العنف الجسدي والاقتصادي واللفظي والنفسي من الزوج، وحاولت أن تستر ما تواجهه عن أقرب الناس.

هذه نماذج مأساوية، تبرز فيها أقصى درجات العنف الأسري، مع ما يتوفر لدينا من مؤسسات تعنى بالأمان الأسري، أو تلك الأخرى التي تحارب العنف الأسري، لكنّ الأمر في غالبه، يدور في اهتمامه مدار العلاج فقط، بينما الواقع الاجتماعي بحاجة إلى تحصين وقائي متين، يستطيع حماية الأسرة من آثار كارثية ينتجها جحيم العنف الأسري.

إنّ ثقافتنا الوقائية بحاجة لامتلاك قوة قادرة على تحجيم واقع الممارسات العنيفة أسريًا، فعبر استحداث ملف أمان أسري، يسعى لتأسيس سجلّ لكل أسرة، يكون في رصيده الابتدائي مجموعة نقاط، ما تلبث أن تتناقص كلّما حدث انتهاك لنظام الوقاية من العنف، بل قد يتم إيقاع عقوبات تتوزع بين عقوبات مادية ومعنوية وخدمية، وتمسّ شخص الممارس للعنف، كما يمكن الاستعانة بنظام البوابة الإلكترونية والتطبيقات التي تساعد الزوجة في الإبلاغ إلكترونيًا.

وقتها سنجد أنّ نظام «ساهر» كما هو نظام وقائي منع ويمنع القيادة المتهورة للمركبات، فإنّ نظام «آمن» هو نظام وقائي سيمنع هذا العنف الأسري الجامح.

كاتبة رأي في صحيفة الشرق السعودية
شاعرة ومهتمة بترجمة بعض النصوص الأدبية العالمية إلى العربية ، ولها عدَّة بحوث في المجال التربوي.