آخر تحديث: 20 / 4 / 2024م - 2:34 ص

لوّن حياتك

الدكتورة زينب إبراهيم الخضيري * صحيفة الرياض

ما الذي يملأ الروح زهواً، والوجه ابتسامة، ويعطي الأشياء معنى.. أليست الألوان؟ فكلما لامس بصري منظراً متعدد الألوان، أكون كالبطل خارج الرواية، وكالبيت خارج القصيدة، وكأني أسافر وسط نشوة مذهلة لا تستطيع أن تفسرها كل تحليلات علماء النفس، فالألوان هي حياة بكل أطيافها، وهي بعد إضافي يمنحنا معانيَ لا محدودة للتعبير عن الجمال، تخيلوا هذا العالم يسير باللون الأبيض والأسود! حتماً سيكسو الجمود أرواحنا، ولن نجد ما يوقظ الإحساس فينا وينمي الشعور بالدهشة.

وقصة عشقي للألوان لا تنتهي عند لون واحد، فالألوان تأثيرها قوي جداً على روحي، فهي إما تلهب عاطفتي أو تُسَكّن أعشاب نفسي، وقد جاء في كتاب «فلسفة الألوان» للدكتور إياد الصقير: «إذا تأملنا الطبيعة في الصباح ثم الظهيرة نجد الألوان في الصباح فاتحة وفي غاية الجمال المتمثلة في الأشجار والبحار بينما تتلاشى هذه الألوان في الماء تدريجياً وعند الغروب تنعدم الرؤية تماماً ما عدا انعكاس غروب الشمس على البحر الذي يعطي قرص الشمس أثر الألوان في منتهى الروعة والجمال».

هي لعبة الألوان التي تمنح أنفسنا مساحة من الامتزاج مع جماليات الكون، وإن كنت من عشاق الحياة البحرية ومن مدمني مشاهدة الأفلام الوثائقية عن المخلوقات البحرية سيبهرك تناغم الألوان في هذه المخلوقات وتناسقها، ترى بعض الأسماك ملونة وكأنها في عرض أزياء صيفي ألوان صارخة وكثيرة، وبعضها يأخذ لوناً هادئاً وكئيباً نوعاً ما وكأنها أزياء الشتاء.

وعلى ذكر الأزياء أصبح التميز بالألوان مطلباً في كل ما يحيط بنا، ففي عالم الشراء والتبضع أصبحت الماركات تتمتع بألوان وتعرف بها، فعندما نرغب في شراء قطعة أثاث فإننا نسأل البائع هل لديه منها بألوان أرماني البيج والرمادي والأسود، أو لون تيفاني الأزرق وهو لون الحب الحزين ولون السماء مع أن اللون الأزرق ارتبط بالحزن إلا أنني أحاول فك هذا الارتباط العصبي بمحاولتي التعامل معه من خلال لون تيفاني بكل حب ورقة، لون يبعث الجمال في النفس والتميز الباهي، فهو أنيق جداً رغم «حزنه الرقيق»، لا يمكن أن أنفصل عنه، فالراحة التي يبعثها هذا اللون مثل نسيم بارد يهب في جو رطب حار، هذا على سبيل المثال لا الحصر، كذلك هناك مدن وقرى تميزت بألوانها الخلابة؛ فالسائح قد يأتي من أقصى الأرض ليشاهد هذا الجمال، مثل جزيرة مورانو الصارخة الألوان في إيطاليا، أو كولمار الفرنسية، أو شفشاون المغربية، وهناك الكثير في عالمنا الجميل الذي تم تشويهه وطمسه باللون الأسود الحزين.