هل في بيتنا رجل
لا عجب أن يختلف مفهوم الرجولة باختلاف الزمن ودخول الافكار الخارجية المدججة بالتكنولوجيا التي فرضت على البشرية الإنصياع لملذاتها بتغيير جزء كبير من العادات والأعراف التي تربى عليها المجتمع، ومع دخول المرأة معركة صراع البقاء وإثبات الذات على مستوى التعليم والعمل أختلت موازين القوى وتبدلت معايير تقسيم الأدوار بين الجنسين.
إن دخول المرأة معترك التعليم والعمل أسهم بشكل كبير في خلط مفاهيم الرجولة في وقتنا الحاضر فأصبح للمرأة مسؤولية واضحة داخل البيت وخارجه كما لم يكن سابقاً، وفي ظل هذه التغيرات التي شهدها المجتمع أصبح الكثير من الرجال يفضل الهروب من المرأة المتعلمة والمثقفة لأنه لم يعد يستطيع فرض سيطرته وهيمنته عليها كما في السابق، ولاشك أن هذه التغيرات أثرت بشكل سلبي على هوية الرجل والرجولة ”إن صح التعبير“ والتي تهاوت شيئاً فشيئاً مع مرور الوقت.
لعل البعض يستغرب طريقتي في طرح الأمر من هذا الجانب فتأخذه الحمية لدفاع عن جنس الذكور لخلطه بين مفهومي [الذكورة والرجولة] وعدم التفريق بينهما وهو أمر لا استغربه لأننا قوامون على النساء ولانرضى أن نكون أقل منهم جاهاً ومعرفةً وقوة حتى وإن كنا لانفقه مفهوم القوامة الحقيقي فلنا الحق في ترديده شئتم أم أبيتم فعذراً لمن اساء الفهم واخذته العزة بالنفس فقط للدفاع عن ذكوريته لا عن رجولته.
هناك فرق شاسع بين الذكورة والرجولة فليس كل ذكر يطلق عليه رجل وإنما هيا صفة للتفريق بين الجنسين الذكر والانثى، الرجولة صفة تصنعها التربية ومواقف الحياة بناء على القيم والاخلاقيات التي تربى عليها الفرد سواء داخل المنزل او على مستوى المجتمع ولعل التباين والاختلاف في مفهوم الرجولة الإجتماعي والثقافي عند الاخرين مبني على التفاوت البيئي والمهني والمستوى الإجتماعي والمنطقة الجغرافية لكل فرد كما يختلف من زمن الى آخر ومن مجتمع الى آخر، بل قد يختلف أيضاً في المجتمع الكبير من منطقة إلى أخرى حسب تعدد الثقافات الفرعية وتمايزها عن الثقافة الأم.
الرجولة في منظور البعض الظهور في الازمات والبعض الاخر بإظهار القوة وفرد العضلات وآخرون بالكرم إلا أن المعنى الحقيقي للرجولة هو اكتمال الصفات الجسمية والعقلية والخلقية كما أن للرجولة مدلولات يجيب أن يعيها ويدركها الذكور ومنها الإهتمام بالجوهر وتغذية العقول ثقافياً وعلمياً لما لها من تأثير إيجابي في الإبتعاد عن صغائر الأمور وتفاهات الحياة.
تعددت المفاهيم الخاطئة للرجولة وتاه معناها الحقيقي بين الذكورة والرجولة، فالرجل والرجولة لم تستخدم إلا في وصف المواقف التي تميز الأحياء فعلاً ومضموناً، عن الأحياء شكلًا ومظهراً، وليست للتمييز بين الذكر والأنثى، فالرجولة كلمة وموقف وليس كل من يحمل هوية يكتب بها ذكر كان رجلاً، لربما الهيئة توحي برجل لكن الحقيقة قد تكون مختلفة.
يقول أحمد شوقي:
وإنما الأمم الأخلاق ما بقيت
إن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا
وإذا أصيب القوم في أخلاقهم
فأقم عليهم مأتما وعويلا
صلاح أمرك للأخلاق مرجعه
فقوّم النفس بالأخلاق تستقم
إذا الاخلاق فقدت فُقِدَ المعنى الحقيقي للرجولة وصناعة الرجال أمر يحتاج إلى الصبر والدقَّة في التربية والتوجيه، ولو كان سهلاً، لامتلأت الدنيا بالرجال وما اشتكى الزمان من قِلَّتهم.
