آخر تحديث: 19 / 4 / 2024م - 7:41 م

من بعض تجارب الخدمة الاجتماعية والثقافية

المهندس أمير الصالح *

تجربة 1:

قبل خمسة وثلاثون عاما، تم تلقي الاتصال من مجموعة لتكوين لجنة ثقافية من الاصدقاء وانا واحد ممن تم الاتصال بي. كان الهدف من اقامة اللجنة هو اطلاق برنامج انشطة ثقافية اهلية ضمن احتفالات موسمية دينية في احد الاحياء التي كنت اقطنها. ومن المهام المناطة العناية باستضافات وفعاليات ومهرجانات وندوات علمية وادبية وتربوية وتعليمية وصحية واقتصادية. وبعد بذل جهود وعقد اتصالات متعددة واعداد قوائم متنوعة من المحاضرات والندوات والاتصال ببعض المحاضرين وجدولة استضافات، تم شطب كامل البرنامج من قبل بعض المتنفذين وسمعنا اطلاق تصريحات متنوعة لتبرير وأد العمل بكامله:

المكان الذي نستخدمه مخصص للعبادة او للانشطة الرياضية.

التخوين: قد يكون هناك اجندات مخفية من خلف هذه الندوات.

بعض الذين تودون ان تستضيفونهم لديهم شطحات فكرية.

الاتهام ك القول: انتم تريدون الاستحواذ على كامل البرامج.

لا بد من اخذ تصريح من جهات معينة مسبقا ومباركة فلان.

الدعوة يجب ان لا يذكر فيها اسم فلان او شعار مجموعة.

شخصيا اسفت لما ال اليه الوضع واختفاء كامل النشاط وتشريد كامل المنسقين لكثرة العقبات.

اعدت تقييم كامل العلاقة مع المتنفذين في ذاك التجمع الاجتماعي، فوجدت انها قائمة على قشريات وترزز وجني وجاهات شخصية وليست ذات عمق حضاري ورسالة اجتماعية اخلاقية اسلامية او استحصار وعي جمعي لابناء المجتمع الذي كنا نقطن فيه.

تجربة رقم 2:

ارتحلت لمنطقة اخرى حيث مكان عملي واستحصال رزقي. وفي المنطقة الثانية حيث تواجد خليط سكاني منحدر من مختلف بقاع الوطن، وجدت ان فرصة النهوض بانشطة اجتماعية وثقافية كلها مبنية على الترابط المناطقي والاعتناق الفكري الواحد، وكلما بذلت جهد لتجذير ارضية مشتركة وجدت ان جدار سميك من المناطقية يحول دون الانطلاق او النهوض بعمل جماعي يخدم المجتمع الذي نعيش فيه.

قضيت في تلكم المنطقة، نيف من السنين ومن ثم انتقلت الى منطقة حضرية خارج البلاد انتدابا من قبل الشركة. وكنت في الشطر الغربي من الكرة الارضية فوجدت حيث اسكن اعراق متعدده وانشطة متعدده الا ان استنزاف العمل الانتدابي للوقت حال بيني وبين الانخراط في العمل الاجتماعي والثقافي في تلكم المدينة الغربية.

تجربة رقم 3:

بعد انتهاء الانتداب، رجعت لارض الوطن وانتخبت مدينة للسكن الدائم. وبالفعل بعد الاستقرار وانتهاء عناء التنقل بذلت واخوة صادقين في العمل الثقافي والاجتماعي الجهد الا ان الافق والسقف متدني حتى انه لا يشبع طموح وتطلع ابجديات المثاقفات. ووجدت التنصل من اي عمل لا يتوافق مع جهات فكرية واحدة وكل توجه داخل نفس المجتمع غير منفتح على التوجهات الاخرى. احسست ان المجتمع لشبه ارخبيل جزر متناثرة وكل معتد بما لديه. الاسوء ان منسوب حالة توجس سوء الظن من كل طرف نحو الاطراف الاخرى داخل ذات المجتمع اصبح في تصاعد.

تجربة 4

تم الاعتزال من طرفي عن الانخراط في اي عمل ثقافي واجتماعي على ضوء التحفز من كل الخطوط الاجتماعية في تسقيط الاطراف الاخرى. الا ان سهام اللوم الموجهة والانعات من قبل البعض بالكسل تطرق المسامع بين الفترة والاخرى. حتى ان البعض قال ”بسبب انعزالك وانعزال الاخرين من امثالك، الساحة الاجتماعية انتُهكت من قبل كل المتمردين والمتنمرين والفاسقين“. ضحكت وقهقهت وقلت للقائل: وانت ما هو دورك؟!.