آخر تحديث: 16 / 4 / 2024م - 6:58 ص

متلقى القطيف السنوي للتطوير الحضري

أمين محمد الصفار *

للتخطيط الحضري الأثر البالغ في تنمية الجانب العمراني للمدن وهذا الجانب هو رأس الجليد فقط الذي يراه الجميع، إذ لا تقتصر مزايا التخطيط الحضري عليه، بل تشمل مزايا التخطيط الحضري تنمية جوانب أخرى مثل الجانب البيئي والاجتماعي والاقتصادي أيضا.

والسؤال الذي يتبادر للذهن كلما شاهدنا حجم الفجوة يتسع بمدينتنا القطيف: مالذي يمنع البلدية من عقد اجتماع موسع عام مع مخططي المدن من داخل القطيف ومن مختلف مدن المملكة لمناقشة واقتراح الحلول التنظيمية المتعلقة بالتخطيط الحضري في المحافظة؟

قبل ثلاثين سنة فقط، تكاد تكون المساجد والحسينيات - على صغر مساحاتها - هي القاعات الوحيدة الموجودة في القطيف التي تخدم مختلف الأغراض الدينية والاجتماعية، لكن اليوم بحمد الله تغير الوضع للأفضل كثيرا، فهناك الآن العديد من الصالات المتنوعة في وسط المدينة أو في أطرافها أو بين المساحات الزراعية أو غيرها، بل بالامكان أيضا وخلال فترة بسيطة إنشاء مدرجات متعددة الاستخدامات تكون أكثر إلهامًا وسعة للحضور.

أعتقد لن يصدق أحد الآن أن القطيف بكل تاريخها ومكانتها لم يكن بين جنباتها - في الماضي القريب - موقعًا يسع لعقد مؤتمرًا أو ملتقى بحجم معين.

في شهر نوفمبر 2018م عرضت بلدية القطيف عددا من الفرص الاستثمارية المختلفة في القطيف، للأسف كان عليها العديد من الملاحظات الجوهرية وقد ذكرت ذلك في مقال خاص بعنوان ”270 فرصة استثمارية أم مشروع أزمة؟“ ويمكن اختزال هذه الملاحظات في أن هذه الفرص الاستثمارية جاءت في سياق بعيد عن النظرة الاستراتيجية لتخطيط المدن، وأكاد أجزم أن هذه الفرص بمجموعها لم تمر أو يرها مخطط عمراني واحد، حيث أنه وبنظرة بانورامية لهذه الفرص الاستثمارية ستكتشف بسهولة أنها هدفها الوحيد هو تحقيق إيرادات للبلدية دون أن تراعي أي هدف أو معيار أخر، فكأن البلدية تحولت إلى ذراع إستثماري على حساب دورها التنموي والخدمي.

حاليًا تخوض بلدية القطيف حملة لتحسين المشهد الحضري، وهي مهمة أرى أنها ليست سهلة خصوصاً أنها أتت بعد فترة طويلة من البيات، بالرغم من حجم الجهود الكبيرة المبذولة إلا أن النتائج مهما عظمت لن تصل لحجم الطموح والمأمول الذي ينتظره الناس، ولعل السبب هو فقدان التخطيط الاستراتيجي للمدينة الذي يحفظ هذه الجهود عبر إيجاد بدائل مناسبة للجميع تمنع عودة مثل هذه التشوهات البصرية والبيئية والسمعية دون أن تسبب مشكلة أو عبئ على الأهالي.

أن مستقبل الأحياء التراثية، والرقعة الزراعية ومستقبل البيئة البحرية والرقعة البرية، وأزمة عدم وجود أراضي للمشاريع الحكومية كلها تمثل عينة من الأمثلة التي تؤكد مكررا التأخر في وضع تصور تخطيط عام أو إنشاء ودعم إقامة ماتحتاجه المحافظة من منشآت ومرافق، أو الاتجاه نحو الارتجال غير المدروس بدقة في مجال الاستثمار دون اعتبار لمتطلبات التخطيط العمراني، وكل هذا يبين مدى الثغرة الواسعة في مجال التخطيط العمراني للقطيف.

أن تجسير هذه الفجوة يحتاج أن يأخذ الاولوية القصوى كي تكسب المدينة مزايا التخطيط العمراني وتحقق البلدية إيرادات استثمارية ويكسبها مزايا وقيمة إضافية وليس أن يؤثر سلبًا عليها من الناحية التنظيمية والتنموية. أن التخطيط الحضري لا يقتصر على تنمية الجانب العمراني فقط، بل تنمية الجانب البيئي والاجتماعي والاقتصادي أيضا.

في القطيف والمملكة عموماً لدينا أعداد كبيرة من مخططي المدن إضافة للمكاتب الهندسية المتخصصة تخرج معظمهم في أرقى الجامعات ونرى لهم العديد من الأعمال العظيمة والمبتكرة لكن لا نرى أي تعاون للبلدية معهم أو أثر لأعمالهم في المحافظة.

لذا فالدعوة موجهة لعقد ورعاية مؤتمر أو ملتقى سنوي تُفتح فيه قنوات التواصل على مصراعيها بين البلدية ومخططي المدن - مكاتب وافراد - وكليات التخطيط العمراني يناقش فيه سبل تطوير المحافظة من الناحية التخطيط العمراني وتكون له أمانة خاصة لمتابعة الحلول والمقترحات التطويرية تمهيدا لاعتمادها وتطبيقها.