آخر تحديث: 19 / 4 / 2024م - 7:41 م

فتسريح بإحسان

دكتورة لمياء عبدالمحسن البراهيم * صحيفة اليوم

بات ارتفاع معدل الطلاق مقلقاً وظاهرة تهدد كينونة المجتمع، وتمثل الحالات التي تصل للمحاكم قمة جبل الجليد في ظل العلاقات الزوجية التي بعضها لم يحسم، بين خلافات زوجية وانفصال عاطفي، أو من هجر وتعليق للزوجة.

تبقى المرأة في العلاقات الزوجية بالمجتمع الحلقة الأضعف، فغالبا هي من تلجأ للمحاكم للطلاق في ظل خيارات الرجل الانسحابية والتي منها البدء في حياة زوجية جديدة.

عادة ما يسبق الطلاق مراحل عاصفة مشابهة للمرور بعنق الزجاجة، وهي المرحلة التي تمر بها العلاقة الزوجية عندما تتعرض إلى أزمة، قد تتعداها بعلاقة متماسكة أقوى، أو تنتهي بالفتور أو التنافر والتشاحن الذي قد يستمر ويتحول للانفصال العاطفي أو للطلاق.

لا يكاد يخلو بيت زوجي من مرحلة شديدة خانقة عصفت به في مراحل مختلفة من الحياة الزوجية؛ ويحدث هذا بعد تغيير كبير في النمط المعيشي.

قد يصعب الاستمرار في حياة زوجية ولا يبقى إلا خيار الانفصال وإن كان بغيضا، ولهذا فالدين رسم في القرآن والسنة منهاجا يتدرج في علاج المشاكل الزوجية ويحفظ الحقوق.

فقد كانت هناك أساليب للتعامل مع الخلافات الزوجية من الوعظ والهجر في الفراش والعقاب بالضرب غير المبرح وتدخل أطراف عاقلة لحل النزاع.

ولكن لو لم يتم التصالح بين الزوجين وخافت الزوجة من نشوز زوجها عنها وعلى عفتها فلها حق الانفصال ولا يحق للزوج تعليقها وحرمانها من حقوقها الشرعية، وبامكانها الرجوع للقاضي للفصل بينهما بالطلاق أو الخلع.

وحتى في تشريعات الطلاق فقد أوصى الله تعالى بعدم إخراج الزوجة من منزل الزوجية حتى انتهاء العدة لعله تحدث مصالحة بين الزوجين إذا هدأت الأنفس كما ذكر في سورة الطلاق.

كما وضح الإسلام أدبيات الانفصال من حيث النفقة للزوجة وعدم نسيان الفضل بين الزوجين «وَلَا تَنسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ»، مما يستوجب من المطلقين احترام العلاقة السابقة بعدم التشهير والإساءة للطرف الثاني والاستجابة للفضوليين والمخببين، خصوصا لو كان لديهما أطفال حفظا على مشاعرهم ولتقليل آثار الانفصال عليهم.

الطلاق قد يكون مؤلما وقد يكون علاجا وحلا للزوجين ليستطيعوا البدء من جديد بعلاقة أكثر ملاءمة لكليهما، وتخفيف آثاره تحتاج لوعي من الزوجين وللدعم الذي قد يقدم من جهات المناصحة الزوجية في محاكم الأحوال الشخصية لنصح الزوجين وتقريب وجهات النظر أو لتأهليهم نفسيا لما بعد الانفصال ليكون الطلاق صحيا وليس مدمرا.

استشارية طب أسرة
مستشار الجودة وسلامة المرضى
مستشار التخطيط والتميز المؤسسي
كاتبة رأي