آخر تحديث: 29 / 3 / 2024م - 4:00 م

صديقي نجيب الزامل

الدكتور إحسان علي بوحليقة * صحيفة الاقتصادية

نفقد مع رحيل المبدع نجيب الزامل مخزونا زاخرا من التفاؤل والأمل، وبالقطع سأفتقد كما الكثيرون وسمه #فجريات ، الذي كان يغرد من خلاله بكلمات ملهمة قبل بزوغ شمس النهار. والأجمل ما كان ينثره بين الفينة والأخرى من قصص لمن مر بهم أو مروا به، في سرد موجز لحوادث حياتية صغيرة في محتواها، كبيرة في أثرها. بالنسبة لي كان رفيق قلم، فقد تزاملنا للكتابة في أعمدة الرأي لأكثر من صحيفة في الوقت نفسه. وإن كان قد بدأ من الجانب الاقتصادي في الأعوام الخوالي، لكنه تحول شيئا فشيئا لسجيته الإنسانية المتغلبة، فأخذ يشع روحا متوثبة وابتسامة مشرقة على شرائح واسعة لا سيما شبابنا الواعد. وعلينا الإقرار أن مجهود نجيب الزامل كان يسهم في إعاقة من ينشر السلبية ويقمع الأمل. كان يفعل ذلك بإيجابية مجبولة بحذق، فمن الطبيعي أن يقاوم المحبط من يسعى إلى إخراجه مما هو فيه، بأن يستند إلى جدار الحزن والهزيمة وكأنه جدار ينبغي أن تموت عليه وتنتهي كل الآمال. أما كيف إخراج المحبط مما هو فيه فليس سهلا البتة، إلا من خلال إقناعه بأن في وسعه عمل شيء، فإن وافق فسيجد أفقا إيجابيا يتسلل منه بصيص ضوء. فكيف تقنعه؟ أو كيف كان فقيدنا نجيب يقنعه؟ بأن يعمل خيرا، بأن يتطوع. والأساس لهذا النهج متين يقوم على أن من يستطع أن يفعل وينجز تطوعيا لخدمة الآخرين في نطاق محدود، فسيعد ذلك نجاحا يحفزه على فعل المزيد، والأهم من ذلك سيخرجه من دائرة الضيق والإحباط إلى رحابة الأمل.

غادرنا نجيب الزامل إلى رحمة الله سبحانه في دار البقاء، وذلك أمر الله جلت قدرته، ولا يجدر بنا أن ندع موته سببا لتذبل جهوده الخيرة التي كان يسعى إلى زرعها والمحبة التي كان ينثرها أن تتركنا، ليس فقط في العمل التطوعي على الرغم من أهميته، بل كذلك في قضية التسامح والسعي إلى الاستقطاب والشمول وإفساح المجال لمن تاه عن الدرب أن يعود. هذه تحديات طوال، لكن تحقيقها مطلب توجبه الضرورة، وتشرأب له الهمم العالية. كان فقيدنا الغالي أبويوسف مهموما بذلك. ولعلي لا أطلب عسيرا بأن يسعى محبو الفقيد إلى حث الخطى دفعا للعمل التطوعي، ولممارسة سجايا التسامح والمحبة عمليا، واستقبال الجميع بابتسامة متفائلة لا بوجوم متوجس. رحمك الله أبا يوسف وجعل مثواك الجنة، فقدت برحيلك صديقا.

كاتب ومستشار اقتصادي، رئيس مركز جواثا الاستشاري لتطوير الأعمال، عضو سابق في مجلس الشورى