آخر تحديث: 29 / 3 / 2024م - 4:00 م

العكاز

المهندس أمير الصالح *

”هل بالفعل تحتاج استخدام العكاز؟ شخصيا، لا ارى لك حاجه لأستخدامه!“، قال احد الموظفين لزميله المستخدم العكاز بسبب وعكة ألمت به.

”لقد رايتك خلسه وأنت في احد مرافق الشركة تتكئ على العكاز“، ثم يضحك ويقهقه بصوت متوسط، ويسترسل بالقول ”شكلك تود ان تتقاعد مبكرا“، قال آخر.

”بعدك شباب ولسى بدري على ان تتكئ على العكاز؛ الشركة هذه ستمص عافيتك ثم تحيلك على التقاعد عند بلوغك سن الستين. كما تعرف الشركة ما يستغنون عن الموظفين حتى يموتونهم!“، جاء على لسان آخر.

”هناك اُناس اخرون لم يتعرضوا لكل ما تعرضت له من ابتلاءات ومتاعب وبذل جهود مضنية من اجل الشركة ومع ذلك استحصلوا على بكج ومعاملة خاصة حتى ان بعضهم لم يصلوا لمرحلة الوعكة الصحية؛ العدالة في تلكم الشركة مفقودة بل ازدواجية في المعايير واضحة“، معلق آخر.

”أنت تتدلع وما فيك الا العافية وحكاية العكاز هي تعبير منك عن الاستياء مما يدور حولك في مقر عملك بالشركة وغياب روح تكافؤ الفرص بين الموظفين. الأغلب من الموظفين يشعر وحاس بمشاعرك ولكن العين بصيرة واليد قصيرة“، ورد على لسان أحد زملاء العمل.

كانت تلك مجموعة تعليقات وافادات قيلت في حق انسان موظف مر بوعكة صحية قصيرة المدة نسبيا وابى ذاك الإنسان على نفسه الا ان يلتزم بالذهاب الى مقر العمل مع مرارة الألم الذي كان يعانيه معرضا عن عروض الإجازة المرضية التي قدمت له. كان العكاز «عصاء الاتكاء» سندا له يتكأ عليها اثناء تنقله بين المكاتب داخل بالشركة التي كان يعمل بها، وكذلك حين تنقله لقضاء اموره الشخصية والأسرية ومراجعة الوحدات الصحية.

قال محدثا نفسه بشأن المنتقدين والمعلقين تهكما: أنا لم اطلب مشورتهم، فلماذا يتدخلون في شؤوني ويحاولون فرض مايرونه علي ويعطون تصوراتهم عن احتياجاتي وتشخيص صحتي وكأنهم أوصياء علي!. وفي المقابل اظهر ذات الشخص جميل شكره وامتنانه لمن شاطره المشاعر الحسنة وعبر له بالدعاء بسرعة التماثل للشفاء وتعاطف معه.

ثم ما لبث ان رجع ذات الشخص في داخل ذاته وصرخ في سماء نفسه بصوت العاقل رسالة كان يود ان يوصلها الى الملاقيف ومنعدمي المشاعر: ”أيها الملاقيف الحمقى، انكم جميعا لا تعلمون باني متقاعد بنظام التقاعد المبكر منذ مدة زمنية ليست بالقريبة. وان كل كلامكم بعيد كل البعد عن الواقع وأنكم تعيشون الإحباط وتنظرون للآخرين بنفس مهزومة الإرادة لزيادة رقعة الإحباط في نفوس بني جلدتكم؛ أنكم تفتقرون إلى الاعتزاز بانفسكم وكرامتكم لم تتعدى سقف عبودية الوظيفة. إنكم بالفعل مجموعة حمقى ايها الملاقيف ومحطمي المشاعر. تبا لكم وسحقا وترحا“.

في المقابل تعهد نفس الشخص داخل نفسه بالاحتفاظ ب حق تبادل الاحترام لمن أبدأ تعاطفه وعبر عن جميل مشاعره نحوه وقدر وضعه الصحي انذاك.

استجمع المتكئ على العكاز قواه النفسية والذهنية واستمر في مشاهدة ورصد تعليقات وتفاعل وهمس ولمز وغمز بعض أفراد محيط أفراد بيئة العمل وبعض ابناء الحي والمجتمع وبعض ممن كان يعتقد انه يمكنه ان يعول عليهم في المصاعب ويتكئ عليهم وقت ازماته وتنكر الزمان بحقه. واستحضر ذاك الشخص جملة افكار وخطط عمل في حالة وقوع وعكة صحية مستقبلية منها:

حسن إدارة النكسات والنكبات سلوكيا من خلال قراءة متأنية:

الانتكاسة والصدمة والوعكة والبلاء والمرض ظاهرة طبيعية تحصل للجميع. فلا مفر من المواجهة عند الوقوع فيها

كل انتكاسة او صدمة او مرض او بلاء او وعكة هي امر في الغالب مؤقت او عارض ولا تعني انتهاء كل شيء او نهاية المطاف. فلا بد من بزوغ فجر وان طال الليل الدامس.

تفادى التعبير عن المشاعر السلبية عند الغضب بسبب ما قد يقوله البعض او يوظف ذلك البعض التعبير الفالت للولوغ في تشويه السمعة او النكاية او الكيد أو التهكم أو التشفي أو الافتراس أو استراق الفرص المهنية؛ وحاول استقراء المشهد والتعلم من التجربة من كل زواياها.

تطبيق القول: إذا وقعت انهض، قوتك في نهوضك لا عدم سقوطك. فالعذال كُثر ولذا ارجع الكيد في نحورهم بالصمود والاتكال على الله القوي العزيز والثقة بالنفس.

في معظم الاحيان تزداد الحكمة والرزانة والصقل والرصانة القاً ويُصنع التفوق من خلال المرور ب الابتلاءات والتجارب وتجاوزها بنجاح لانها محطات صقل معدن الانسان الاصلي.

لقد كان العكاز رمز لكل ابتلاء وليس فقط عصا اتكاء فأعد اخي / اختي القارئ / القارئة قراءة الأمور من حولك عند وقوعك في أي احداث عارضة بروية وتمعن وبصيرة لتمحيص المحب أو المساند من المتهكم أو المتفرج أو الانتهازي.